هرب الرئيس... يحيا الرئيس
انتخب السيد منصف المرزوقي رئيسا لدولة ما بعد الثورة ، فهللت الصحافة الصفراء وانهالت على الرئيس بعبارات التقدير في وضع لا يكاد يختلف عما كنا نراه سابقا ، وتذكرت ماضيه النضالي بكل تفاصيله ، وبدأ النفخ في الرجل ، وبالرغم من ان احدا لا يستطيع ان يشكك في التاريخ النضالي للدكتور المرزوقي الا ان ما كتب عنه لا يتسم بالموضوعية ويعيد الى الاذهان تأليه الزعيم وهو ما لم يستطع ان يتخلص منه العدد الأكبر من الصحفيين الذين جبلت اقلامهم على التزلف والمديح للسلطان حتى اضحى مرضا يصعب شفاءهم منه ، لذا فاني وجدت نفسي مظطرا لبسط رؤية اوفى عن السيد الرئيس ، فقد قضى الجزء الأكبر من عمره خارج ارض الوطن ، فقد غادر مبكرا تونس الى المغرب ثم الى فرنسا حيث اتم دراساته العليا في الطب ثم استقر هناك لمدة طويلة تقارب العشرين عام ولم يعان ما عاناه الشعب التونسي من خصاصة ونقص في الرزق ليعود الى تونس في اواخر السبعينات ويدرس في كليات الطب بها (كلية الطب بسوسة ) ، ولم نعرف عنه الا رئيسا او مترشحا للرئاسة بعد ذلك في كل نشاط قام به ، فبرز نجمه كرئيس للرابطة التونسية لحقوق الانسان في بداية تسعينات القرن الماضي ثم كمترشح للرئاسة مع بن علي في عام 1994 وهو التاريخ الذي سجن فيه لمدة اربعة اشهر قبل اطلاق سراحة بتدخل من شخصيات ومنظمات حقوقية عالمية ، ثم رئيسا للمجلس الوطني للحريات في نهاية التسعينات فرئيسا للمؤتمر من أجل الجمهورية في بداية القرن الواحد والعشرين ،ليغادر البلاد مرة اخرى بصفة اختيارية لينفي نفسه في فرنسا لمدة عقد من الزمن تقريبا مخيرا النضال عن بعد ويصرح على المباشر في الجزيرة انه سيعود للنضال داخل الوطن عام الفين و ولكنه لم يفعل الا في 2011 وبعد هروب الرئيس ، ليعلن عن ترشحه للرئاسة منذ وصوله مطار تونس قرطاج ولم يكن دم الشهداء قد جف ، مما تسبب له في توجيه الاهانات اثناء زيارته للمعتصمين في القصبة وسوء استقباله في عدد من المدن التونسية بعد ذلك ، ولكنه اصر على الترشح للرئاسة مرة اخرى بعد انتخابات المجلس الوطني التأسيسي وتشبث بذلك وشد عليه النواجذ فاستجابت النهضة لطلبه وهي الباحثة عن وجه علماني ترضى به الغرب وتنازل السيد مصطفى بن جعفر لغرور الرئيس مفضلا الجلوس على ربوة مجلس التأسيس ،
وفي اول ظهور له كرئيس عبر المرزوقي عما كان يختلج في صدره ، وقال بان الرئاسة هي اقصى ما يمكن ان يحلم به انسان ، وهي القشة التى افاضت الكأس ، فلم يكن مقبولا في الحقيقة ان يختزل السيد الرئيس حلم مناضل في ان يكون رئيسا ، فالمعتقد السائد ان حلم كل مناضل هو تخليص شعبه من الظلم وان يظل مناضلا ابد الدهر ، ففي حين كان المواطن التونسي ينتظر منه خطابا من قبيل " وليت عليكم ولست بخيركم " و" ان اصبت فاعينوني وان اخطأت فقوموني " وغيره من كلام دال على الشعور بثقل المسؤولية ، راينا رئيسا يفرح بتوليه الرئاسة اكثر من فرحه بثورة شعبه حتى ان البكاء غالبه فاجهش ، كما اجهش بعد ذلك عند ذكر الشهداء ,,وقد كره التونسيون البكائيات الرئاسية منذ عهد " الزعيم " ...
لذا فان بذرة الدكتاتورية موجودة لدى رئيسنا وعلينا الا نذكيها وننفخ فيه مرة اخرى بل على العكس كان من المفروض ان يصدر في القانون المؤقت للسلط نص يمنع على من يختاره المجلس التأسيسي رئيسا للبلاد الترشح لنفس المنصب لولاية اخرى ليس فقط قطعا على السيد المرزوقي المفتون بحب الرئاسة ولكن لنبدأ بتعليم الناس التداول على السلطة وعدم احتكارها وحتى تتساوى حظوظ المرشحين لاحقا ولن تكون افضلية لمن تولى الرئاسة انتقاليا وحفاظا على هيبة وخصوصية اشغال منصب اول رئيس لجمهورية ما بعد الثورة يقع اختياره بواسطة مجلس وطني تأسيسي ، وحتى وان اغفل القانون ذلك وغاب المقترح عن اعضاء المجلس جميعا فكان على السيد المرزوقي ان يتعهد بعدم الترشح للرئاسة لاحقا وهو تصرف المناضل الحقيقي الصادق الذي تتعلم منه الاجيال ومن تضحياته ،
والأمر في الحقيقة ليس حال الرئيس فقط ، وان كان بالدف ضاربا ، بل ان النخبة التونسية اظهرت انتهازية لا مثيل لها ، فالفائزون اظطرب بيتهم الداخلي جميعا بسبب العراك على المناصب فالبعض طفى صراعهم على السطح والبعض الآخر بقي خفيا للضوابط الأخلاقية التى تحكم بعض الاحزاب ، في حين ان الأحزاب الخاسرة لم تتصدع لأنها لا تملك غنيمة تتصارع عليها وعلى العكس ذهبت في اتجاه لملمة شتاتها استعدادا لعراك مستقبلي عن غنائم انتخابات قادمة ، وهكذا نحن ... فمتى تتغير حالنا .
عمررواني حقوقي وناشط سياسي
انتخب السيد منصف المرزوقي رئيسا لدولة ما بعد الثورة ، فهللت الصحافة الصفراء وانهالت على الرئيس بعبارات التقدير في وضع لا يكاد يختلف عما كنا نراه سابقا ، وتذكرت ماضيه النضالي بكل تفاصيله ، وبدأ النفخ في الرجل ، وبالرغم من ان احدا لا يستطيع ان يشكك في التاريخ النضالي للدكتور المرزوقي الا ان ما كتب عنه لا يتسم بالموضوعية ويعيد الى الاذهان تأليه الزعيم وهو ما لم يستطع ان يتخلص منه العدد الأكبر من الصحفيين الذين جبلت اقلامهم على التزلف والمديح للسلطان حتى اضحى مرضا يصعب شفاءهم منه ، لذا فاني وجدت نفسي مظطرا لبسط رؤية اوفى عن السيد الرئيس ، فقد قضى الجزء الأكبر من عمره خارج ارض الوطن ، فقد غادر مبكرا تونس الى المغرب ثم الى فرنسا حيث اتم دراساته العليا في الطب ثم استقر هناك لمدة طويلة تقارب العشرين عام ولم يعان ما عاناه الشعب التونسي من خصاصة ونقص في الرزق ليعود الى تونس في اواخر السبعينات ويدرس في كليات الطب بها (كلية الطب بسوسة ) ، ولم نعرف عنه الا رئيسا او مترشحا للرئاسة بعد ذلك في كل نشاط قام به ، فبرز نجمه كرئيس للرابطة التونسية لحقوق الانسان في بداية تسعينات القرن الماضي ثم كمترشح للرئاسة مع بن علي في عام 1994 وهو التاريخ الذي سجن فيه لمدة اربعة اشهر قبل اطلاق سراحة بتدخل من شخصيات ومنظمات حقوقية عالمية ، ثم رئيسا للمجلس الوطني للحريات في نهاية التسعينات فرئيسا للمؤتمر من أجل الجمهورية في بداية القرن الواحد والعشرين ،ليغادر البلاد مرة اخرى بصفة اختيارية لينفي نفسه في فرنسا لمدة عقد من الزمن تقريبا مخيرا النضال عن بعد ويصرح على المباشر في الجزيرة انه سيعود للنضال داخل الوطن عام الفين و ولكنه لم يفعل الا في 2011 وبعد هروب الرئيس ، ليعلن عن ترشحه للرئاسة منذ وصوله مطار تونس قرطاج ولم يكن دم الشهداء قد جف ، مما تسبب له في توجيه الاهانات اثناء زيارته للمعتصمين في القصبة وسوء استقباله في عدد من المدن التونسية بعد ذلك ، ولكنه اصر على الترشح للرئاسة مرة اخرى بعد انتخابات المجلس الوطني التأسيسي وتشبث بذلك وشد عليه النواجذ فاستجابت النهضة لطلبه وهي الباحثة عن وجه علماني ترضى به الغرب وتنازل السيد مصطفى بن جعفر لغرور الرئيس مفضلا الجلوس على ربوة مجلس التأسيس ،
وفي اول ظهور له كرئيس عبر المرزوقي عما كان يختلج في صدره ، وقال بان الرئاسة هي اقصى ما يمكن ان يحلم به انسان ، وهي القشة التى افاضت الكأس ، فلم يكن مقبولا في الحقيقة ان يختزل السيد الرئيس حلم مناضل في ان يكون رئيسا ، فالمعتقد السائد ان حلم كل مناضل هو تخليص شعبه من الظلم وان يظل مناضلا ابد الدهر ، ففي حين كان المواطن التونسي ينتظر منه خطابا من قبيل " وليت عليكم ولست بخيركم " و" ان اصبت فاعينوني وان اخطأت فقوموني " وغيره من كلام دال على الشعور بثقل المسؤولية ، راينا رئيسا يفرح بتوليه الرئاسة اكثر من فرحه بثورة شعبه حتى ان البكاء غالبه فاجهش ، كما اجهش بعد ذلك عند ذكر الشهداء ,,وقد كره التونسيون البكائيات الرئاسية منذ عهد " الزعيم " ...
لذا فان بذرة الدكتاتورية موجودة لدى رئيسنا وعلينا الا نذكيها وننفخ فيه مرة اخرى بل على العكس كان من المفروض ان يصدر في القانون المؤقت للسلط نص يمنع على من يختاره المجلس التأسيسي رئيسا للبلاد الترشح لنفس المنصب لولاية اخرى ليس فقط قطعا على السيد المرزوقي المفتون بحب الرئاسة ولكن لنبدأ بتعليم الناس التداول على السلطة وعدم احتكارها وحتى تتساوى حظوظ المرشحين لاحقا ولن تكون افضلية لمن تولى الرئاسة انتقاليا وحفاظا على هيبة وخصوصية اشغال منصب اول رئيس لجمهورية ما بعد الثورة يقع اختياره بواسطة مجلس وطني تأسيسي ، وحتى وان اغفل القانون ذلك وغاب المقترح عن اعضاء المجلس جميعا فكان على السيد المرزوقي ان يتعهد بعدم الترشح للرئاسة لاحقا وهو تصرف المناضل الحقيقي الصادق الذي تتعلم منه الاجيال ومن تضحياته ،
والأمر في الحقيقة ليس حال الرئيس فقط ، وان كان بالدف ضاربا ، بل ان النخبة التونسية اظهرت انتهازية لا مثيل لها ، فالفائزون اظطرب بيتهم الداخلي جميعا بسبب العراك على المناصب فالبعض طفى صراعهم على السطح والبعض الآخر بقي خفيا للضوابط الأخلاقية التى تحكم بعض الاحزاب ، في حين ان الأحزاب الخاسرة لم تتصدع لأنها لا تملك غنيمة تتصارع عليها وعلى العكس ذهبت في اتجاه لملمة شتاتها استعدادا لعراك مستقبلي عن غنائم انتخابات قادمة ، وهكذا نحن ... فمتى تتغير حالنا .
عمررواني حقوقي وناشط سياسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق