الأربعاء، 23 مايو 2012

السيد الفاطق الناطق..




السيد الفاطق الناطق.....


استبشرنا كثيرا بتعيين الحكومة لناطق رسمي باسمها ، وأحسسنا اننا سنشبه الدول الديمقراطية المتقدمة ، وسندخل عصر الشفافية من بابه الواسع ، وأن السيد الناطق سيطلع علينا كل اسبوع بحديث ( تماما كرئيس امريكا) ،
او على الأقل كل نصف شهر ليفيدنا يتصريح حول مستجدات الوضع العام بالبلاد ويبدد الشكوك ويعطى الحقائق كما هي ، ويطمئن الشعب ويملأه عزما للبناء واملا في المستقبل ،
وسمعنا ايضا عن ناطق رسمي آخر باسم رئيس الجمهورية ،
و لم يبق الا المجلس التأسيسي بلا ناطق رسمي لأن كل من فيه ناطقون رسميون ، وان كان له ايضا منسق مع الحكومة برتبة وزير لا نعلم ماذا نسق ،
ولكن لم نر اي من هؤلاء الناطقين ينطق ، فلئن نطق ديلو مرة واحدة تقريبا لما كان " نافحا " بهذا المنصب ، غير مدرك لمشقة جمعه مع وزارة حقوق الانسان والعدالة الانتقالية الأكثر ثقلا في حكومة ما بعد الثورة ، تسمية ومهاما ، فانه صمت بعد ذلك ، فشابه نطقه الأول كلمة عيسى عليه السلام ،
المعذرة لقد تكلم عدة مرات اخرى بعد ذلك ،
لا بوصفه ناطقا رسيما باسم الحكومة ولكن بوصفه ّ"مكذبا رسميا " او قل "مفتيا رسميا " او " مفسرا رسميا " او "مصوبا رسميا " لما زل به لسان هذا الوزير او ذاك العضو بالتأسيسي المحسوب على النهضة ، من لفظ عابر او جملة اعتراضية او حالة عاطفية اوغيرها مما يحدث عادة لمن بدأ يتحسس طريقا سياسيا ملغوما ..
،
حتى اصبحنا نشعر ان السيد ديلو وقع استنزافه بالكامل على كل الواجهات ، وكادت تحرق كل طاقاته الكلامية ومدخراته السياسية ، من سهولة تعامله الصحفي واعتماده لغة يفهمها عموم التونسيين ، الى اعطاء نموذج الاسلام السياسي المدني الحداثي جدا القريب من ثقافة التونسيين وميولاتهم ، وصولا لكسب حب الكثير من الناس ،
اما الناطق باسم رئيس الجمهورية فانه لا يكاد ينطق ابدا ، لأن الرئيس هو الذي ينطق ، فتارة يصيب وتارة ينطق عن الهوى ، فهو ما زال يتعلم النطق ويعدّ لانتخابات الرئاسة القادمة ولن يسمح لناطقه ان ينطق ، فنراه تارة يصعّد في لهجته ويرفع من صوته وتاره يخفض من صوته ويبحث عن مستقر لأسلوب متعثر ونبرة مرتبكة ، حتى يكاد يتملكني الشعور احيانا بانه يقوم بدور الرئيس وليس هو الرئيس نفسه ،
الملاحظ عموما أنه رغم وجود ناطقين رسميين الأول باسم الحكومة والثاني باسم الرئاسة ، وهو امر مستحدث لا يوجد في أي دولة في العالم الا في تونس الثورة ، لأن الأول تختص به الأنظمة البرلمانية والثاني تختص به الأنظمة الرئاسية ، بحسب الجهة التى تمتلك السلطة التنفيذية ذات العمل المتحرك الذي يتطلب متابعة يومية واعلام الرأي العام بمستجداته،
رغم وجود هذا الازدواج المرهق والهجين ، ورغم الحاجة الملحة للمعلومة الرسمية الغائبة منذ ستين عام ، فالملاحظ انه ثمة شغور في مهمة الناطق الرسمي ، فآخر تصريح للناطق الرسمي للحكومة بوصفه ذاك يعود لشهر جانفي وفي افضل الأحوال شهر فيفري 2012 ،
ومن ثمة لم الحظ له نطقا ، الا ان تكون حكومتنا المؤقرة تريد ان تعمل بصمت وهو امر في غاية الخطورة ، لأن الصمت اصبح ممنوع بعد الثورة ، فالشعب اضحى مشغوفا بالشان العام ، ولا يمكن كسب ثقته دون تزويده بالمعلومات الكافية في الوقت المناسب وبالشفافية المطلوبة لكل ما يهمه ويهم بلاده ،
ولن نقبل بالاحالة على صفحة " جديد الحكومة " ..على شبكات التواصل الاجتماعي ..ولكن يحب ان نرى المتحدث باسم الحكومه يمدنا بتفاصيل عملها وفحوى قرارتها وآليات تنفيذها ما دمنا اقرب الى النظام البرلماني ، وان كان الله يرى ما تفعلون فالشعب في حاجة الى من يريه اعمالكم ،
فحذار من الصمت ايتها الحكومة ، فلو عملت ليلا نهارا وحتى لو وصل الأمر الى حد توعك صحة كل وزرائك من قلة النوم ، لا قدر الله ، فلن يشعر بك أحد ولن يصدقك احد ما دامت الشفافية ومصارحة الشعب بالكبير والصغير غائبة وما دام ناطقك لا ينطق وانما غالبا ما يستنطق ،
ان الشعب اصبح يقشعر بدنه لمقولة العمل بصمت ، فطالما قيل لنا أن بن على يعمل بصمت ، وانه لا ينام الليل الا قليلا ، ولكن اتضح لنا أنه يسرقنا بصمت ، ولا ينام الليل الا خوفا منا ،
ولا اقارن هنا ابدا معاذ الله ،
ولكن اخشى ان تستمر الآلة القديمة في عرقلة كل جهد جاد مستغلة هذا الصمت ، واخشى ان تعجز الحكومة عن مواجهتها فتحتمي بالصمت نفسه ،
وعندها سنقرأ جميعا فاتحة الكتاب ، ومن الثوريين دقيقة صمت ، ترحما على روح الثورة ، فمقياس نجاح الثورات مدى القضاء على الفساد ،
نحن نحتاج الى ناطق ينطق كل اسبوع وبتغطية اعلامية واسعة محلية ووطنية واجنبية ليحدثنا عن مسار ثورتنا وعما عملته الحكومة ومؤسسات الدولة ليلا ويشهدنا عما تعمله نهارا ،
فأنا لا أعرف مثلا لحد الآن بالضبط أي افق ينتظر مدينتي ، الكاف ، ما نصيبها من التنمية ،
اعرف انها الأسفل في السلم ولكن كلى امل
(هل طريق سيارة ؟؟هل مصانع تحويل غذائي ؟؟ هل بعث مشروع فسفاط سراورتان ؟؟هل زراعة ملايين اشجار الزيتون في جنوب الولاية ؟؟ هل استغلال مخزونها المائي في زراعات سقوية كبرى ؟؟هل اسناد حق اولوية في التوظيف بمؤسسات الدولة اصلاحا لظلم ستين عاما ؟؟هل عودة الدولة للقيام بدور المستثمر لضعف راس المال المحلي واستحالة قدوم راس مال وطني او اجنبي لضعف البنية التحتية ؟؟؟
هل من منوال جديد للتنمية ينقذنا عموما من التبعية المذلة ، هل من اولويات جديدة تخرق قواعد الأولويات التى حطمت كياننا واهدرت طاقاتنا وجهلت ابناءنا وافقرت اهلنا ؟؟؟
فانا لا اعرف مستقبل ولايتي ولا اعتقد ان احدا يعرف مستقبل ولايته امام احلامنا التى لا تنتهي وانتظاراتنا الكبري لغد أفضل ..
كما نحتاج لأجوبة عن عدة سؤالات اخرى يطرحها شق من التونسيين "موازيين خلافيين " .
فقولوا لنا كل شىء ..اي شىء ...قولوا لنا حتى : لا شىء لكم عندنا ،
المهم عندنا ان تنطقوا ...
وارجو في النهاية الا تجيبني الحكومة بقول العاشق الذي لم يجرؤ على الكلام فانشد :
يترجم طرفي عن لساني لتعلموا ويبدو لكم ما كان صدري يكتـم
ولما التقينا والدموع سواجم خرصت وطرفي بالهوى يتكلـم
تشير لنا عما تقول بطرفـها وأومي الـيها بالبنان فتفهـم
حواجبنا تقضى الحوائج بيننا فنحن سكوت والهوى يتكلــم

عفوا ايتها الحكومة لا تعولي على الهوى فانه هو الآخر خرص ولم يعد يتكلم

الأستاذ عمر الرواني .
محـــامي

الأحد، 20 مايو 2012

تونس..موازي..خلافي






تونس..موازي..خلافي
في تونس اليوم كلما وجدت شيئا تجد له شيئا آخر مواز له
في البضاعة تجد الأصلي والمقلد ...والسوق والسوق الموازية
والتجار تجد صاحب المحل وليس بعيدا عنه " نصّاب" مواز يحتجز الرصيف
وتجد العامل الذي يتصبب جبينه عرقا ليجني بعض الدنانير القليلة قوتا لعياله ...والعامل الموازي الذي يتدخل بسرعة ونجاعة لتدعيم اعتصام بطريق " الوفقة السياسية " ويسجل حضوره في عملة الحضيرة بالغياب ...وفي الادارة تجد الموظف الناشط الذي تقوم الادارة على جهده ووقته وتجد الموظف الموازي (وهم كثر ) وهو الذي يتقاضى مرتبا بلا انتاج
وفي الاعلام ثمة اعلام الثورة والاعلام الموازي الذي نشعر انه يسب الثورة ويلعنها ليلا نهارا ويحن للعهد القديم ..تلميحا وجهارا
أما في السياسة فالأمر أكثر وضوحا فثمة مجلس تأسيسي منتخب انفقت تونس لأجله ثورة ودماء وشهداء ..وثمة مجلس تأسيسي مواز لا ندري ماذا انفق عليه اصحابه ...ربما اموالا موازية ايضا
ونجد مؤسسات ووزارات رسمية واخرى موازية : وزارة حقوق الانسان والعدالة الانتقالية ومركز مواز للعدالة الانتقالية وتنسيقية للعدالة الانتقالية موازية لهم
ثمة حكومة شرعية انتجتها صناديق الاقتراع كما في كل الدول الديمقراطية يراسها السيد حمادي الجبالي وحكومة أخرى موازية يرأسها اصحاب المبادرات التجمعية وبعض روؤس الأموال الفاسدة
وربما رئيس دولة ورئيس دولة مواز له
ولكن ثمة فروق بين المؤسسات الرسمية وتلك المواز
فالأولي اهلها منا ونحن منهم نعرف طينتهم جيدا ويعرفوننا ...فهم ابناء الفقراء والمضطهدين وخريجي مدارس النضال ..أما ناس الثانية فليسوا منا ولسنا منهم فهم من طينة اخرى ومدن اخرى واحياء اخرى ارقي من فهمنا وادراكنا ..احياء لا تعرفنا ولا نعرفها ...كانوا يتربعون على خيرات بلدنا والسياسة عندهم هواية بلا تعب وابواب كبرى للرزق بلا سبب
المؤسسات الشرعية نعرف كيف اتت ومن اين ونرى على المباشر اعمالها ونعرف مرتبات اصحابها وطرق تمويلها ...اما الموازية ...فلا نعرف كم يتقاضى ممتهنوها ..هل بطريق الوفقة ام بالراتب الشهري ام السنوى ..ام بقدر اهل العزم تأتي العزائم .....كما لا نعرف من يمولها وما هي اسباب وجودها ...ربما هي لعنة الديمقراطية ...او لعنة صناديق الاقتراع ..او لعنة السوق السياسية الموازية
السؤال المحير لدي : من اين سيأتي هؤلاء بشعب مواز ...ثمة شعب واحد في تونس ...انهم ابناء الأحياء الفقيرة ..ابناء القرى والارياف ...العمال والفلاحون ..انهم هم انفسهم الذين ثاروا ضد الظلم وهم انفسهم الذين شدوا رحالهم لصناديق الاقتراع يوم 23 اكتوبر 2011 وهم انفسهم الذين سيحسمون كل معادلة سياسية قادمة ...فمن اين نأتي لكم يا تجار السياسة الموازية بشعب بديل ....الا ان كان افتراضيا
وعندها حق لي ان اقول :أني أكاد اشك في نفسي لأني
أكاد اشك أني
مواز لنفسي ولا ادري
الأستاذ عمر الرواني

السبت، 12 مايو 2012

بعد نصف عام من الحكم...الترويكا الى اين




بعد نصف عام من الحكم...الترويكا الى اين
انهكت ستون عاما من القمع المركّز كل فئات الشعب المناضلة ، فبعد الزواتنة والقوميين ( اليوسفيين )الذين شردوا وقتلوا نهاية الخمسينات ، كان دور اليساريين الذين قادوا حركة النضال في الستينات والسبعينات واعيتهم السجون فانخرط قسم كبير منهم في النظام السياسي القائم ودعموه ودافعوا عنه وتقلدوا مناصب عليا فيه فخسر اليسار كثير من مناضليه وبقيت قلة ثورية تقاوم الاستبداد ،
ثم برز بعد ذلك نجم الاسلاميين و جاءت المحرقة التى تعرضوا لها في اواخر عهد بورقيبة ثم في عهد بن علي ، فنالهم النصيب الأوسع من القمع وحطموا ارقاما قياسية في عدد سجناء الراي في تاريخ تونس ( عشرات الآلاف ) ، وفي عدد المنفيين اذ توزع جزء من مناضليهم على جل دول العالم تقريبا ، حتى كاد اليأس يدب الى النفوس ،
فلما تبخر او كاد حلم الثوريين اليساريين بثورة يقودها البروليتاريا و حلم الاسلاميين بثورة يقودها المستضعفون في الأرض ، اندلعت ثورة شعبية عارمة فاجأت الجميع ، فاعادت احياء نبض النضال فيهم جميعا لينضموا الى صفوف الثوار بل ولنجدهم في الصفوف الأولى ، فحمة الهمامي اقتيد للسجن ايام الثورة ، كما لا يمكن ان تمحي من الذاكرة صورة السيد سمير ديلو ( وزير حقوق الانسان الحالي ) وهو امام مقر وزارة الداخلية يشهر صدره في وجه بندقية رجل امن طالبا منه اطلاق النار يوم الرابع عشر من جانفي 2011 ، (وهو الرجل الذي ما عرفته الا ثوريا طيلة ايام الجامعة التى جمعتنا ثم بعد خروجه من السجن في المحاماة ،)
وانتصرت الثورة ،
وراينا الجميع يتقلد بهاءها ورونقها من اقصى اليمين الى اقصى اليسار وحتى من ثارالشعب ضدهم ركبوا جوادها ونسوا ان الماضي لا يرحم فضلا عن كونه ماض قريب ما يزال حيا ينبض بيننا ،
وما تكلم احد الا خلته قائدا عظيما من قادة الثورة رغم اننا قبل ذلك لم نكن نسمع له ركزا ، فضلا عن ان اغلبهم كانوا مستفيدين او منهزمين او محرضين للنظام على المناضلين ،
ولكن عودة الاسلاميين للساحة السياسية كانت ملفته للنظر ، فالقوة والزخم الذي استعادوا به الثقة في انفسهم وفي الشعب كانت كبيرا ، والروح التى كانت تحركهم اقوى بكثير ، حتى لا نكاد نلحظ عليهم أي انهاك من قرون السجن التى نالها مناضلوهم زمن القمع القريب والبعيد ،
ولم يكن ممكنا وقف ذلك الزحف الاسلامي ، لا من الداخل لضعف باقي القوى اليسارسة والقومية من جهة ، وتشرذم القوى الانتهازية التى كانت في السلطة او تدور في فلكها ، ولا من الخارج لأن الأمر يتعلق بخيار شعبي واسع كان نتيجة ثورة عملت فرنسا مثلا ( المؤثر الأبرز سياسيا وثقافيا في بلدنا) ، عملت على اجهاضها بكل الطرق داعية صراحة بواسطة وزيرة خارجيتها الى وضع كل امكاناتها القمعية للغرض ،
واستطاع الاسلاميون تبني وبلورة اهم شعارات الثورة والذي اعتقد الجميع انه المدخل الوحيد لتحقيق اهدافها في القطع النهائي مع الماضى اشخاصا ومؤسسات ، وهو انتخاب مجلس وطني تأسيسي يعيد بناء مؤسسات السلطة السياسية المهترئة والمعطلة ، وذلك بصياغة دستور جديد في مستوى الثورة ، ولايجاد سلطة تنفيذية منتخبة وشرعية من شأنها ان تساهم في تهدئة الأوضاع والعودة من النطاق الثورى اللامحدود الى نطاق ثوري بنّاء يعيد صياغة الثقة بين السلطة والشعب ويعيد امل الناس في مستقبل افضل يكون رجالاته مختلفين عن النوعية التى سادتهم خلال كامل المدة الماضية منذ الاستقلال الى اليوم ،
وتوحد الشعب كله على هذا المطلب رغم الاحساس الدائم للقوى القومية واليسارية ، ويصل حد القناعة الراسخة لدى القوى الانتهازية من بقايا النظام ، بأن أي عملية انتخابية قد تفرز اغلبية اسلامية ، وقد لاحظنا ترردا ودعوة لتجاوزالانتخابات حتى بعد الاعلان عن تحديد موعد لها ، والاكتفاء بانتخابات رئاسية بعد تعديل بسيط للدستور واعادة نفخ الحياة فيه ، ولكن لم يصمد ذلك الطرح كثيرا ، واستسلم الجميع لخيار الصندوق ، وربما راهن آنذاك المعادون للاسلام السياسي على تأثيرات الضربة القاصمة التى وجهها النظام البائد للاسلاميين ( نهضويين ومن بعدهم سلفيين ) وانهم لن يستطيعوا تجميع قواهم بالسرعة المطلوبة وان مناضليهم اقل استعدادا في تلك المرحلة ،
وكانت الانتخابات ،
فافرزت نجاحا مبهرا للتيار الاسلامي ممثلا في حركة النهضة وحزب المؤتمر من اجل الجمهورية القريب منه ، وكذا عدة شخصيات وطنية مستقلة محسوبة على الاسلاميين ، فكان نجاحا غير متوقع حتى من الاسلاميين انفسهم الذين راهنوا على ثلاثين بالمائة من المقاعد في افضل الأحوال ، دون ان يكونوا في الحقيقة على استعداد لتحمل مسؤولية قيادة البلد بمفردهم في تلك المرحلة الدقيقة ، فبحثوا عن تحالفات اوما اسموه بضرورة الوفاق الوطني لحكم البلاد وصنع مؤسساتها وقوانينها الكبرى ، سيما الدستور، بمشاركة الجميع ، لأن المرحلة تعد لأجيال قادمة وتهم كل التونسيين ،
واستطاع الاسلاميون والمؤتمر من اجل الجمهورية كسب حليف يساري معتدل وهو التكتل من اجل العمل والحريات ، ليشكلوا " ترويكا " متنوعة ممثلة لاكثرية اطياف المجتمع وتبدو قادرة نسبيا ومؤهلة منطقيا لقيادة البلد سياسيا ودستوريا ،
ورغم ما اتسمت به الانتخابات من نزاهة وشفافية غير مسبوقة في الوطن العربي كله ومشاركة جماهيرية واسعة فيها ، فان الأقليات الحزبية واللوبيات التجمعية الماسكة بزمام الادارة خصوصا في المستويات الوسطى والدنيا وحتى العليا في بعض الاحيان ، لم ترضها النتائج فاليساريون الثوريون يعتقدون ان صندوق الاقتراع لم ينصفهم ولم يجازهم الشعب بحجم مشاركتهم الفاعلة في الثورة ، والتجمعيون واليسار الانتهازي احسّوا بالتهديد المباشر لمصالحهم المكتسبة في عهد " صانع التغيير" ، وكذا تهديد نفوذهم من حكم الاسلاميين ومن معهم ، فساهم هؤلاء بشكل فاعل في تعطيل عمل الترويكا ،
فعلى مستوى المجلس التأسيسي لاحظنا انحطاطا في مستوى نقاش هموم البلد ، واستخفافا بعقول الناس ، وبرزت خطابات شعبوية بالية اقرب الى روح الكذب التجمعي المعهود ، ولاحظ الناس انتفاء روح المسؤولية لدى من سموا انفسهم بالمعارضة ، حال ان الوضع وضع استثنائي وكان ضروري توحيد وتجميع الصفوف للخروج بالبلاد من مازقها السياسي والاجتماعي الذي تعيشه والتسريع بالبناء القانوني للدولة ،
اما على المستوى الاجتماعي فقد غذت تلكم القوى الحراك الشعبي الذي ما زال به نبض ثورى ورغبة عارمة في تغيير اوضاعهم الاجتماعية بين عشية وضحاها معتقدين ان الأمر على غاية من السهولة ، وشهدنا توترات اجتماعية عدة وتعطيل لمراكز انتاج وطنية كبرى واعتصامات واحتجاجات ..وقطع طرق وو...كانت وسائل الاعلام سبّاقة لنشرها والتعريف بها ..وتغذيها بشكل او بآخر ، ولم نر انها تنشر ثقافة القانون واحترامه الا عندما اعتصم شباب امام مقر التلفزة ، ثمة فقط تحدث الاعلام عن ضرورة تفعيل القانون لوقف الاعتصامات رغم ان ذلك الاعتصام لم يعطل الانتاج التلفزي ولا عطل دخول العاملين او خروجهم ، ولم يتقبل الاعلام العمومي ان ضحاياه الذين كان يسميهم " ارهابيين " و "مجرمين " و" متطرفيين " وظلاميين " و "عصابات منظمة " و " مصطادين في الماء العكر "و " الحاقدين على تونس " و" حاسدي رجل التغيير على انجازاته " لم يتقبل الاعلام ان اؤلائك انفسهم هم الذين اختارهم الشعب الآن ومنحهم ثقته لوضع ملامح مستقبله ، لم يشأ ذلك الحاجز المعنوى ان ينكسر ويكسر معه بسرعة ما تربى عليه الاعلاميون لأزيد من نصف قرن من الزمن .

الا ان كل ذلك لم ينجح في زعزعة رجالات السلطة الناشئة ،

وسجلنا للترويكا حسن ادارتها كسلطة سياسية للصراع والحراك الاجتماعي ، اذ افلح قادتها سياسيا او امنيا او حتى حزبيا كل من موقعه في فك الاعتصامات بطريقة مستحدثة تعتمد الحوار والاقناع وتتجنب العنف في مجملها ، اذ لم نسجل سقوط قطرة دم واحدة ، كما لم تستجب لدعوات التحريض السياسي ضد هذا التيار او ذاك ومحاولة معاملة الجميع على قدم المساواة ، وبدأ الحراك الاجتماعي يتسم بالوعي والمسؤولية يوما بعد يوم ، واظهر عدة وزراء قدرتهم الكبرى على تعبئة الطاقات وتنظيمها وترويض كبرى الوزارات المارقة (السيد على العريض في الداخلية والسيد عبد الكريم الهاروني في وزارة النقل وغيرهم ) ،
وعموما فقد تدعمت قيم الحرية واصبحت من الثوابت التى لا يمكن المس بها مستقبلا ،
وما زال ينتظر الحكومة مجهود كبير لتركيز وتدعيم مبدأ التسامح وقبول الآخر ، فثمة كثير من الدعوات الي العنف والتمرد واثارة النعرات الجهوية ووصل الأمر الى حد الدعوة الى قتل الاسلاميين عموما ( عدنان الحاجي ) ، وهي نتيجة موضوعية لفكر استئصالي كهفي متجمد ، وثقافة نفي الآخر المترسخة في عقلية التحزب الايديولوجي البالي ،
كما لاحظنا فصلا دقيقا وواضحا في الأداء الحكومي بين الموقف تجاه الجريمة التى يرتكبها فردا معينا وبين حركات الاحتجاج الجماعية ، ويمكن القول انه : وداعا للعقوقبات الجماعية ،
فيجب محاسبة كل فرد بقدر ما اتاه من فعل وليس بقدر ما يحمل من افكار ومعتقدات ، ولا يعاقب انصاره ومريدوه بما يأتيه من افعال ، ف"كل نفس بما كسبت رهينة " ..والافكار والمعتقدات لا تشكل جرائم مهما كانت نظرتنا لها متطرفة او حداثية ، ويبقى التعامل مع الجريمة كجريمة في اطارها الضيق طبق مقتضيات القانون السائد ،
ومن ثمة شهد الوضع الأمني تحسنا كبيرا ، ولمسنا تطورا لأداء رجال الأمن ينمو يوما بعد يوم ، وترشّدا لعملهم اكثر فاكثر ، وبداية تساقط الحاجز المعنوى لديهم ، وهو الذي عطلهم عن اداء مهامهم في الايام الأولى للثورة ، ولاحظنا نمو الأفكار الجديدة لديهم ملخصها السقوط النهائي لمقولة ان الأمن في خدمة السلطة ، وبداية عهد الأمن الجمهوري الذي لن يكون مستقبلا الا في خدمة الشعب ،
ومن ثمة لن نخشى من المستقبل ،
فرجل الأمن اذا ما ترسخت لديه هاته الأفكار فلن يستدرج للقمع مستقبلا مهما كانت السلطة التى قد تخلف الترويكا ، والحرية ستصبح مكسبا لا محيد عنه ،
وهذا يحسب للنهضة وشركائها في الحكم ،
يبقى الوضع الاجتماعي على حاله تقريبا ، ولم يشهد المواطن اية بارقة امل ، وليس مهما ان نذكر بهذا الصدد ان مقاومة الفقر والتشغيل ، لئن كانت مطلبا جوهريا ايام اندلاع الشرارة الأولى للاحتجاجات ، فانها لم تعد اولوية في الايام الحاسمة للثورة ، فالشعار الذي طغى في النهاية هو " خبز وماء وبن علي لا " فالشعب كان مستعدا للخبز والماء والصبر حتى تعيد الدولة انفاسها ، المهم عنده الا يحكمه الفاسدون ، فهل تغير الشعب فجأة ولم يعد له مجال للصبر ، وانه يريد كل شىء الآن وهنا ، هل الى هذا الحد ، الم نر في الجنوب التونسي ابان الثورة الليبية انه شعب يقتسم رغيفه مع جاره الليبي ولا يتضور جوعا ، الم يصبر على ظلم بن على وهو على علم بفسادة طيلة عشرات السنين ، انه الشعب نفسه العظيم الذي لا ينحنى ،
كيف يمكن تشغيل قرابة المليون عاطل ، وكم مطلوب ان تشغل حكومة ورثت خزائن منهوبة وواجهتها اعتصامات عشوائية عطلت مسيرة الانتاج واعلام يحرض على الفوضى ، كم مطلوب منها ان تشغّل ، في اشهر قليلة ، حتى تنال الرضى ،
وقد أخطأ الكتور المنصف المرزوقي رئيس الدولة لما حدد مهلة للهدنة ، وكأن المجتمع يعيش حالة حرب مع نفسه ، او مع سلطة لم تكد تتسلم سلطتها ، ويربطها بستة اشهر وهي مدة جد قصيرة مقارنة بتاريخ الشعوب الثائرة التى تتطلب استقرارها عشرات السنين واكثر ، وكان من الاجدر مصارحة الشعب بذلك أفضل من ان نتركه يحلم بالجنة الموعودة والمفقودة في نفس الوقت على مستوى الاشهر القريبة القادمة على الاقل ،
ولكن المعتقد لدينا ان بضع سنين كافية في تونس لاحداث انطلاقة نوعية وربما قفزة نحو تنمية شاملة هي اقرب الى المعجزة ، ونحن نأمل في الشعب التونسي البطل تحقيق ذلك بقيادة من اختارهم ، وهو قائد الثورات العربية وثورات القرن العشرين عموما ،
ففي تركيا مثلا لما اعتلى حزب العدالة والتنمية الاسلامي السلطة منذ اثني عشر سنة ماضية كانت تركيا على شفا الانهيار الاقتصادي والاجتماعي ومكبّلة بالديون الغربية ، واقتصادها اضعف من الاقتصاد اليوناني ، ولكننا نراها الآن في ظرف وجيز تصبح من اكبر اقتصاديات اوروبا ، في ظرف وجيز ،
فقوة الارادة للشعوب وخروجها من دائرة العقلية الانتظارية والتسول الى عقلية العمل والفعل في التاريخ ، واقتران ذلك بنظافة يد حكامها ووطنيتهم والتعويل على قدراتها الذاتية ، هي من اسباب الانطلاق نحو الرقي والتقدم والقضاء على الفقر والبطالة وتحقيق الرفاهية والازدهار والعزة والكرامة للفرد والمجموعة ،
ومن ثمة فاني استمع جيدا الى من يطرحون مسألة اعادة النظر في منوال التنمية ، فالتركيز على التداين والارتهان للغرب او لدول الخليج او لأية قوى اجنبية سيكون عامل اعاقة لاقتصادنا ، ومنوال التنمية يجب ان يتخلص شيئا فشيئا من الارتباط بالاجنبي وعلينا ان نحاول صنع تنميتنا باموالنا وافكارنا وسواعدنا ، ويجب ان يكون ذلك خيارنا الاستراتيجي ،
وربما ثمة توجه جديد في الميزانية التكملية لاعتماد موارد داخلية بدرجة اولى للاقتصاد ، والتعويل على ذلك ،
كما لاحظنا طرحا من السيد رئيس الحكومة " حمادي الجبالي " وصل حد احداث صندوق خاص بالتشغبيل ، رغم ما تثيره فكرة الصناديق لدى التونسيين من شبهات موروثة عن صناديق السرقة في عهد بن على ،
ولكن في كل الأحوال لا يجب التفكير في اعادة امثلة فاشلة لمنوال تنمية سواء في دول اوربا الشرقية وحتى في عدة دول عربية ، وهو الذي يركز على ملكية الدولة وتحكمها الكامل في وسائل الانتاج مثلما نسمعه اليوم عن تأميم الثروات ، وربما يكون ذلك حلا وقتيا لمساعدة المناطق الداخلية المحرومة التى لها دين على الدولة لستين عام من الحرمان من فرص النمو ، ولكن لن يكون حلا دائما لثبوت فشله ، كما لا يجب علينا اتباع النموذج الغربي الذي يترك اليد لتسلط رأس المال بلا قيود ، فهو امر كارثي ايضا وبدات ملامح فشله تظهر في كثير من الدول الغربية (اليونان واسبانيا و البرتغال و ايطاليا ..)
علينا اختيار بل ابتداع نموذج تنمية تونسي خاص بنا ينبثق من ثقافتنا الاسلامية ولا باس بدرس التجارب الاسلامية الناجحة كماليزيا وتركيا والاستفادة منها خاصة وانها استطاعت الصمود امام اقتصاديات كبرى اتت على الأخضر واليابس وراس مال متغول كان اول ضحاياه عمال العالم وفقرائة ومستضعفيه ،
وعموما
فالملاحظ ان تحسنا كبيرا في الأداء الحكومي بدا يظهر يوما بعد يوم رغم بطء التأقلم مع المهام الجديدة : مهام السلطة ، وحكامنا قضّوا اعماراهم وكادت تستنزف طاقاتهم في مهام نضالية مع الاختلاف الكبير بين الدورين ،
فصعوبة التأقلم مع الوضع الاداري القديم ظاهرة للعيان ، وهو الذي كانت تحكمه العلاقات الفوقية الشبه عسكرية ، في حين ان ميزة العلاقات الجديدة هي الحوار والوقوف على مسافة واحدة تجاه المسؤولية في بلوغ المصلحة الوطنية ، فضلا عن ان بعض الاداريين بالرغم من كفاءتهم العالية فانهم تعودوا طيلة عشرات السنين على طريقة فاسدة في التسيير واحسوا بالتهديد الحقيقي لمصالحهم الشخصية الضيقة فعملوا ولا زالوا على عرقلة كل عمل في ظروف الشفافية وعلى ضوء الوضع الجديد ، واصبح يحدوهم حتى الأمل في عودة الآلة القديمة او على الأقل التحكم في السياسيين الجدد بقدر امتلاكهم للصنعة .
كما اتضح ان حكامنا يجدون صعوبة كبرى في التخلص بسرعة من رموز سياسية وسطى ودنيا (خاصة معتمدين وعمد ) وهؤلاء من اكثر المتضررين من الثورة ويسعون كل جهدهم لقطع طريقها ، وما يزالون في كثير من الأحيان يتحكمون في اتخاذ القرارت على تلكم المستويات ويساهمون بشكل كبير في توتير الأوضاع وتأزيمها وعرقلة كل نشاط حكومي ايجابي ...
كل ذلك رغم ان الشعب مل تلك الوجوه القديمة ولا يفهم مغزى بقائها لحد الآن .. ايها الحكام هاته المرة سنقول انكم انتم السبب في صورة أي فشل قادم لا قدر الله فلا عذر لكم اليوم ولن يغفر لكم التونسيون ابدا ان يستمر مصاصي دماءهم في مواقعهم .
وتظل انتظارات الشعب اكبر من كل انجاز حكومي مهما كبر ، ولكن لحد كتابة هاته الأسطر فان الانجازات الاجتماعية والاقتصادية على مستوى المشاريع الكبرى والتشغيل وخاصة في المناطق الداخلية ما زالت تراوح الصفر
، ..
فاي أمال يجب ان نعلق على مشروع الميزانية التكميلي ...والى أي حد يمكن ان يساهم في بداية الطريق نحو حلحلة الوضع الاجتماعي المتعثر ...
الأستاذ عمر الرواني محامي وناشط سياسي

الأحد، 6 مايو 2012

التعويض و التعريض في العدالة الانتقالية




التعويض و التعريض في العدالة الانتقالية
في كل يوم تسقط النخب المزعومة و تزيد في ازدراء الشعب بها وتهكمها عليها لما تقترفه من عهر سياسي । فهؤلاء الذين يتصدرون المشهد الاعلامي بعد الثورة وتراهن عليهم بقايا التجمع وأصحاب المال الحرام في تحالف مشبوه يستهدف الثورة أولا وتحويلها الى كركوز وكرنفال للمراهقين الذين نراهم على خشبة المشهد السياسي والإعلامي في اثارة فاضحة
هؤلاء اليوم بقيادة السيد سمير بالطيب عضو التأسيسي عن حزب التجديد الحزب الشيوعي السابق والمتحالف مع القطب الخرافي عفوا الحداثي والأستاذ الجامعي الالمعي في القانون الدستوري وفقهاء العصر الهلامي الذين خرجوا لنا من تحت الارض بعد 14 جانفي وكأن الدنيا والجامعات لم تلد غيرهم يتطاولون اليوم على المناضلين الذين أفنوا سنوات شبابهم في السجون والمنافي والتعذيب بعد أن أطردوا من عملهم ومن الدراسة و قضوا بقية سنوات السجن الصغير في سجن كبير تحت المراقبة الادارية لا يستطيع احد منهم ان يرتزق ويطعم ابنائه . ومنهم من حاول الانتحار ومنهم من مات تحت التعذيب وأمراض السجون ورأينا من حاول ان يبيع أبنائه في سوق الدواب في قبلي بعد أن منعوه من العمل لإطعامهم ومنهم من خربوا بيته وطلقوه من الزوجة ومنهم من تعرض لمحاولة الاغتصاب وآخر اغتصبوا أخته أو زوجته ومنهم ومنهم ...هذا الاستاذ الجامعي في القانون يتطاول على القانون نفسه ويدعي أن النظال لا يتطلب تعويضا وكأن هؤلاء يطلبون منة ؟؟؟ يا صاحب الأمانة العلمية هؤلاء يطالبون بحقهم في التعويض المادي وهو نصف الحق الممكن لأن البقية لن تعوضه القوانين لقصورها ولكن عدالة السماء ستعوض البقية لأن الزمن لن يعود بهؤلاء الى سنوات تمتعت أنت بها وغيرك في ظل الاستبداد وبنيت وشيدت فيها أحلاما وتحالفت فيها سنة 87 مع رموز الفساد
ولم نسمع لك صوتا ولم نقرأ لك رأيا ولم تدخل للسجون دفاعا عن الكرامة والحرية والشغل وكنت تدخل مخافر الأمن لاستخراج وثائق لا غير ولم تمتهن سلامتك الجسدية وعرضك ولم يزرك زائر الليل ينغص عليك حياتك ولم تطارد في المطارات .
أما الذي ينسج اليوم على منوالك ويخرج لنا ببيان الى الرأي العام فيه ما يضحك وسخافة ما بعدها سخافة هو فضيحة وعهر ما بعده عهرا . اسمعوا ما جاء فيه " في خضم الحديث عن تقديم تعويضات مالية لمن سجن وعذب لأسباب سياسية أعلن أنا محسن بن عبد الكريم بن عمر مرزوق أنني لا أطالب بأي تعويض مادي جزاء اعتقالي وتعذيبي ونفيي لرجيم معتوق سنة 87 كوني دفعت ثمن افكاري لخدمة شعبي كغيري ولا اقبل أي تعويض مادي جزاء ذلك ينزع من قوت الشعب وميزانية الدولة في هذه الظروف الصعبة ....." ان لم تستحي افعل ما شئت هذا الرجل كاذب وما يقوله بهتان هذا السيد اوقف في حملة على الجامعة في اواخر افريل87 وكان معظم الموقوفون ابناء الاتجاه الاسلامي ومنا ظلي الاتحاد العام التونسي للطلبة وقليل من النشطاء القوميين واليساريين قضوا اسبوعا او يقل في الايقاف وبعدها جندوا كل من لم يثبت انه مطلوب في قوائم معروفة و الذين استثنوا من التجنيد ذهبوا للمحاكمة بعد تعذيبهم في دهاليز الداخلية. والمجندون لم يقضوا الا ستة اشهر واخلي سبيلهم بعد انقلاب نوفمبر 87 هذا رصيد صاحبنا النضالي ولكن نسى أوتناسى انه جند فعلا من طرف بن علي صحبة لفيف من أمثاله مناضلي اليسار كنوفل الزيادي ومنذر ثابت وسمير العبيدي الوزير السابق ومحمد الكيلاني في مهمات تتصل بالحركة الاسلامية وفتحت لهم الآفاق في مواقع عديدة كسبوا منها وارتزقوا من المال الحرام في الداخل والخارج وجندت أنت من طرف المخابرات الامريكية في منظمة فريدم هاوس ومنتتديات ومنظمات مشبوهة كانت تعمل لحساب مخابرات غربية في المشروع العالمي المسمى مكافحة الارهاب في ظاهره ولكنه معني خصيصا بمراقبة والتجسس والتخابر على التيارات الاسلامية واعداد التقراير والدراسات ...نعم انت غني عن التعويض لانه لن يوفر لك شيئا لان مقاييس النضال الذي يحدده قانون التعويض رصيدك فيه صفرا والمال الذي جنيته من المهمات المشبوهة كثيرا ويفر لك الحاجة والبحبوحة وتأتي اليوم للمزايدة على الذين جاع أطفالهم وضاع شبابهم واستشهدوا تحت التعذيب لتخرج بطلا مغوارا و تزايد عليهم بانك لن تطالب بتعويض جراء الاعتقال والتعذيب ..انك خائن للوطن ومنافق وعميل للأجنبي بعت ضميرك بمال وسخ أما هؤلاء الشرفاء لا يطلبون صدقة ولا منة انهم يستردون حقوقا منقوصة من الواجب القانوني والأخلاقي تشرعه الاعراف والقوانين حتى يستردوا كرامتهم يا من تتشدقون بشعارات ...شغل ..حرية ..كرامة وطنية.
اذا كان هؤلاء اليوم يسكتون على فداحة ما حصل من فضيحة و لا يتهافتون على وسائل الاعلام المتواطئة لينشروا هذا ويطلعوا الرأي العام وأبناء هذا الشعب الذي كان يعيش حياته اليومية سنوات الاستبداد وهو يساكن هذا الرعب ..كيف واصل النوم في تلك الليالي التي كان فيه هؤلاء هم وأبنائهم وعائلاتهم يعيشون الرعب وجحيم المداهمات وانتهاك الأعراض ...اي ذاكرة مثقوبة تلك التي تتيح لنا ان نتناسى الالاف الذين اهترؤوا في السجون ..هذا عار يكاد يلامس التواطؤ ..من خوفنا ..وغفلتنا ..وصمتنا على الجريمة ..هؤلاء في تلك الايام كانوا في كابوس من الجنون والرعب هم وعائلاتهم وابنائهم . أما أنتم فكنتم تتآمرون عليه في الليل والنهار وتعقدون الصفقات مع جلاديهم .
ان موقف سمير بن الطيب ومحسن مرزوق ومن لف لفه من النخب المزعومة المتهافتة اليوم يعد فضيحة مدوية . هذه النخب المزعومة فضيحة ...هذا الاعلام والمنضمات والمؤسسات والقوانين والقضاء فضيحة ...هذا النصف قرن في تونس فضيحة ...وعلى الرغم من ان هذه الثورات العربية عرت ذاك الواقع المرير وماتزال تلاحق هذه الفضيحة بتنوعاتها الا أن هؤلاء مازالوا لم يتخلصوا من العار والتحريض والمزايدة . الثورة لم تستكمل بعد اهدافها ومصيركم مزبلة التاريخ ....
محمد المولهي
نقابي وناشط سياسي

الأحد، 29 أبريل 2012

اعلام مابعد الثورة...الدونكيشوت و طواحين الهواء


اعلام مابعد الثورة...الدونكيشوت و طواحين الهواء


قناة 7 تشد الناطرين
 ان الارتباك الذي يبدو عليه الاعلام العمومي اليوم يذكرنا بالحالة التى كانت تميز نظام بن على في ايامه الأخيرة ، وان نشرات الأخبار التى نراها على شاشتنا تعيد الى اذهاننا سنوات الجلد الممنهج الذي مارسه الاعلام على شعب بأكمله ،


وان حالة التوتر وفقدان الأعصاب هذه توحى بأن الاعلاميين يستعدون فعلا للرحيل او على الأقل هم على يقين بأن ايامهم باتت معدودة ، وأن حلمهم في الاستمرار على العهد الذي كانوا عليه قبل الثورة اصبح امرا غير ممكن ، خاصة في ظل علاقات دولة وطنية افرزها صندوق الاقتراع بعد ثورة شعبية اسقطت نظام حكم كان هذا الاعلام احد اذرعه الطولى الى آخر لحظة في انفاسه ،

وبعد شعور التونسيين بأنه آن الأوان لهذا الاعلام ان يلم حقائبه ويلحق "صانع التغيير" ، وان يتوقف نزيف الاموال التى ينهبها القائمون عليه من عرق ابناء الشعب في حين انهم في حالة اغتراب كلي عن اماله وطموحه ، وهو ما جسده الاعتصام المفتوح امام مبنى التلفزيون الذي قارب شهره الثاني للمطالبة باعلام عمومي جديد في مستوى شعب ثائر ،

ولم يفلح المعادون لتغيير المشهد الاعلامي في فكالاعتصام الا صبيحة اليوم رغم اعتماد كل السبل بدأ بتحريض فاشل للأمن الذي تأهل بسرعة للتعامل مع الاوضاع الجديدة خلافا لكل التوقعات وصولا الى اساليب البلطجة التى يعتمدها المعادون للثورة من اعتداء وحشي على المعتصمين سواء من قبل العاملين بالتلفزيون اوما خططت وجندت شبكة مناصريهم من تجمعيين سابقين او انصار الثورة المضادة ممن يسمون انفسهم بالحداثيين اليائسين من ثقة الناخب التونسي ، واصبح شعارهم غير المعلن جميعا سقط نظام بن على وسقطنا معه الى الأبد ، فلتسقط الدولة وليسقط الجميع ، فعلي وعلى اعدائي ولا معنى للوطنية التى تخذلهم فيها الانتخابات وهم ملاك الحقيقة المطلقة ، ثم اليست الدولة في معتقدهم اصلا عقبة في وجه امتلاك الطبقة الكادحة للثروة والسلطة فلا نحتاج للدولة ولا نحتاج ايضا للسؤال من تكون هذه الطبقة التى يجب ان تتسلم الثروة والسلطة ، هي بالتاكيد ليست العمال الذين يظلون في مصانعهم وفي ضيعاتهم مهما كبرت الثورات ، ولكن سينوبهم تجار الثورة اوالثورجيون الذين نراهم يملؤون موائد حوار الزعاماتية السياسية ،

وما زال التونسيون يذكرون انه حين كان يقتل ابناؤنا في القصرين وسيدي بوزيد وباقي المدن كانت التلفزة تبث اغاني الأمن والأمان ، وتستنجد في حواراتها باليسار " الثوري " بواسطة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان ليثمن رئيسها " مختار الطريفي " آنذاك خطاب "فخامة الرئيس " غير عابىء بدم التونسيين الذي كان يسيل في كل مكان ،

ولم يجرؤ أي ممن نراهم الآن يحملون عباءة الثورة من الاعلاميين على اتخاذ أي موقف رجولي وشجاع كالاستقالة مثلا ، بل على العكس كانوا يدافعون بشدة عن بقاء النظام وهو ما كان وما يزال يعني لديهم بقاء شبكة مصالح واسعة تدر عليهم اموالا طائلة من خزينة الدولة لتمويل برامج وانتاجات تافهة لا علاقة لها بانشغالات المواطنين وواقعهم ولا تعبر عن تطلعاتهم ولا تنسجم مع خياراتهم التى عبر عنها صندوق الاقتراع من تمسك بهوية هذا الشعب وتاريخه وانتمائه العربي الاسلامي .كما لا تعبر ايضا عما تتطلع اليه الفئات المستضعفة من اهتمام بمشاغلها الحقيقية وخاصة في مناطق الشمال الغربي المحرومة ، فلم نر مثلا تحقيقا صحفيا واحدا يهتم بعمل صغار الفلاحين او التجار او الحرفيين والمشاكل التى تعترضهم والبحث عن سبل تجاوزها ، والحجة عندهم بعد اللوم دوما "قلة الامكانيات " ،

في حين اننا نرى الامكانيات كلها متوفرة لتتبع نشاط قاطعي الطرق في كل بقعة من تراب تونس وتجرى معهم الحوارات ويعتبرهم المعلق احيانا ابطالا وثوارا ، ويغطى قسم الاخبار نشاطهم في حدود تزيد عن نصف المدة المخصصة للنشرة ، في الوقت الذي يهمل فيه نشاط يهم تطلعات شعب باكمله وانتظاراته قد يقوم به رئيس الجمهورية او رئيس الوزراء او احد وزرائه الذين منحهم الشعب ثقته ، دون الدخول في المجاملات ورمي الورود ولكن ان نسوق الحقائق كاملة ونترك للشعب الحكم ،

ولا شك انه لو جاء هؤلاء الوزراء بغير الانتخاب لراينا بالتأكيد موقف الاعلام العمومي منهم مختلفا تماما ، فعندما خلع بن على زعيمهم المفدى بورقيبة الذي مدحوه طيلة 30 عاما ، خلعوا عنهم فورا جبة "الزعيم الملهم محرر العباد والبلاد وصانع الامة من غبار " ولبسوا عباءة "صانع التغيير" ذلك ان مصالحهم وقتها لم تكن مهددة ولا توجد ثورة شعبية لتحاسبهم ، وتوقف نزيف التمويل العمومي الذي يتمعشون منه ،

ويذكر التونسيون ايضا انه لما كان الشعب ثائرا في كل بقعة من تراب الوطن كنا نشاهد على "تونس سبعة "طول الليل مجموعات قليلة جدا من الميليشيات المخمورة للتجمع سىء الذكر ، اقرب الظن انها هي نفسها التى تقطع الطريق اليوم ، كنا نراها تتراقص وتهلل ابتهاجا بخطاب من كانوا يطلقون عليه " فخامة رئيس الجمهورية " ،

فكيف يمكن لهذا الاعلام العمومي ان يفرط في امتيازاته الجسيمة التى كان يتمتع بها قبل الثورة من "صانع التغيير" ، وما ارساه من ثقافة الانتهاز " اغرف ما دامك في العين " ، لذا فهو يدافع عن عودة تلك الثقافة ويشد الى الخلف دون أية علاقة باي مبدا ، فمبدؤهم الوحيد هو مزيد نهب اموال الدولة وابتزاز تجار السياسة ، ومن لا يقبل الابتزاز يعلن عليه اعلامنا العمومي "الموقر" الحرب ،

ان اعلان الحرب من الاعلام العمومي على ارادة الشعب في التغيير الحقيقي هو بمثابة انتحار لهذا الاعلام ، فهو لم يفهم الدرس من ان ارادة الحياة والحرية لدى الشعوب كالطوفان لا يقف امامها شىء اذا ما تحركت ، ولعل هروب المخلوع في 14 جانفي 2011 اقرب دليل ، ويبدو ان الفرق بين المخلوع واعلامه ان الأول فهم بسرعة ان عليه الرحيل فتجنب سيول الثوار الجارفة والثاني لم يفهم ولم يتعض ، وما زال يعتقد ان الاعلام ملك للقلة الانتهازية التى تسيطر عليه وتتحكم فيه وليس ملكا للشعب كافة بكل اطيافه واختلافه لا تفرقة بين سلفي وصفري ولا بين حداثي او نهضوي ولا بين سكان حي النصر وحي الشريش بالكاف ولا بين حكومة ومعارضة ولا بين جمعية ذات خلفية " حداثية " واخرى ذات خلفية وطنية ، ولا بين مواطن ورجل سلطة ولا بين فلاح او عامل وموطف او رجل اعمال ، ولا فرق ايضا بين عامل بالتلفزيون ومعتصم امام مبنى التلفزة مطالب بسحب الثورة على التلفزة فلكل منهم الحق الكامل في الاعلام العمومي والمهنية الحقيقة تقتضي معاملتهم جميعا على خط سواء وبنفس القدر من الأهمية بحسب ما يقدم كل منهم لمصلحة الوطن ويكون ترتيب الخبر واعطائه الأهمية بحسب اهتمامات وانشغالات غالبية التونسين وليس بحسب الولاء لطائفة معينة هي "مقدم" او "وصي" على باقي الشعب وتلقنه دروسا صباحا مساء في الحداثيات المزيفة ، وهو الذي منح ثقته باغلبية ساحقة للأصالة والهوية رغم كل اشكال الدمغجة ، حتى قيل عنه انه شعب لا يفهم وغير مؤهل للالختيار الحر واستعصى عليهم فهمه كما استعصى على اسيادهم من قبل ، فالشعب في وادي وهم في وادي آخر والهوة تكبر يوما بعد يوم .

ولعل السبب يعود الى انه كان اعلاما ملكيا اكثر من الملك ، فنظرا لحساسية القطاع وخطورة استخدام الاعلام لاطالة امد الدكتاورية والتغطية عليها وتلميع صورتها فقد كان من الصعب جدا قبول اعلاميين للعمل بالمؤسسات العمومية دون التأكد الشديد من قوة الموالاة ل "صانع التغيير" ونقاوتها نقاوة تامة ، ونظرا لقلة عدد هؤلاء الاعلاميين (بضعة مئات " بالمقارنة مع المؤسسة الامنية التى تضاهي الاعلام حساسية مثلا (عشرات اللآلاف ) ، فقد أمكن السيطرة على كل من يدخل الى الاعلام العمومي فلن يكون الا نقيا شديد الولاء لبن على ولثقافته المنحطة ومستواه الهابط ف "دلّت البعرة على البعير" كما يقول المثل العربي ، وغلب الولاء على المهنية والكفاءة في القطاع ، بل لم يكن الصحافيون يشتغلون كصحافيين فكانت التقارير الاخبارية والبرامج الحوارية تملى تقريبا بالكامل من الجهات الأمنية وكان صحفيو الاعلام العموميى في حالة بطالة ، ما عدا البرامج الاستهلاكية التافهة التى لا تحتاج الى أي زاد معرفي ، حتى اننا وجدناهم بعد الثورة الحلقة الأضعف في الحوارات الجارية ويلجؤون كالعادة الى اليسار المنقذ فترى على موائد النقاش السياسي التى يقدمونها مذيعا لا يفيد بشىء ولا يحسن حتى اختيار السؤال لضعف ثقافته وتدني مستواه العلمي والمهني لأن بن علي ورّثه "البهامة والتّسطيك " ... وثلاثة من الانتهازيين ذوى الثقافة التجمعية ...وثلاثة حداثيين من اليسار بانواعه ، و"يفوحوها " بواحد نهضة او مؤتمرا يكون عادة قد قضى عشرية من سنوات السجن في عهد المخلوع لرجولته ووقوفه صامدا امام آلة القمع دفاعا عن الحرية ورفضا للانحناء ،، ليكون متهما امام لجنة تحقيق موسعة مكونة من "شرفاء بن على " وتجار السياسة " الذين يريد ان يصنع منهم الاعلام رموزا ، وعادة ما يهزمهم رغم التوزيع الظالم للكلمة فيلوكون نفس الكلام لساعات ولا يمنح الا دقائق معدودة تكون مؤثرة جدا واقوى حجة واقناعا لصدقها ، يقول الله تعالي " بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فاذا هو زاهق "

فلن تنجح رموز الورق المغشوش في شعب ثائر ، فاتهم القطار ولن يستطيعوا تزوير التاريخ لأنه ما زال على مرمى حجر من اعيننا ، ما زلنا نذكره جيدا ولا نحتاج الآن الى مؤرخين ...ونعرف من انتصر للشعب ومن خذله ,,ونعرف من ثار ضد الظلم ومن انتظر حتى انقشع الظلم ليشهر سيف الفتنة ولسان حاله يقول سقط النظام وجاء دور الدولة ...

والمؤكد لدينا ان الاعلام العمومي مستعصى عن الاصلاح ولا يمكنه ان يقدم للديمقراطية ما قدمة لستين عاما للدكتاتورية ولا يمكنه حتى ان يبكي ندما على ما فات ، ذلك ليس لأنه مناضل ووطني طبعا...ولكن لأنه كرة مغلقة تتكون من جنس واحد و من الصعب ايجاد مجموعة وطنية صادقة داخلها تنادي بذلك مثلما حصل في باقي القطاعات التى قاد عملية اصلاحها ابناؤها انفسهم ، لذلك يجب التفكير في استبداله بالكامل ، وهو راي ادى الى تلويح البعض بفكرة الخصخصة القانونية استكمالا لوضعها الفعلي الفئوي ، ، وهذا لا يعني الاستغناء عن الاعلام العمومي بل تأسيس اعلام عمومي بديل جديد ما دمنا في طور التأسيس وذلك ببعث قناة وطنية تكون ملكا لكل الشعب وتمول من المال العمومي ولكن يجب ان تكون لكل التونسيين وليس للتسويق لأي حزب حاكم مهما كان حتى لا يكون العود على بدء ..والحزب الذي يريد بوقا له فله ان يمول قناة من ماله الخاص ويفعل بها ما يشاء ...ويترك قناة الشعب للشعب .

وفي انتظار ان تلفظ تونس سبعة والاعلام العمومي انفاسه البنفسجية وفي انتظار تأسيس اعلام في مستوى طموح الثوار والكادحين والمحرومين وكل ابناء الشعب ، ونشعر انه منا ونحن منه ،،من طينتنا ، يشبهنا ونشبهه ، ولا نشعر ان كل شىء فيه من كوكب آخر بعيد عنا ومن زمن آخر غير زماننا الثورى ، في انتظار ذلك هذه نصيحة لذوى الحساسية الوطنية المفرطة :

الرجاء عدم متابعة نشرات الأخبار وموائد حوار القىء السياسي /مع اعتذاري على فضاضة التعبير / على تونس سبعة خوفا من ارتفاع ضغط الدم ....وهو نصح انقله من طبيب الصحة العامة الذي اكد لي مرات وبكل حزم : ضرورة تجنب متابعة " تونس 07 " ولم يسمح لي الا بمشاهدة الاحوال الجوية وليس في كل الفصول ....ولا تتركوا للفضول فرصة حتى لا تفيد الاحصائيات عندهم ان نسبة مشاهدة القناة البنفسجية تفوق نسبة مشاهدة الجزيرة .....

الأستاذ عمر الرواني .

محام وناشط سياسي





السبت، 21 أبريل 2012

الحاوي و الثعابين و الثورة المضادة





الحاوي والثعابين و الثورة المضادة


الثورة التونسية أصبحت تسير مقلوبة " على رأسها " نعم ما سمعته على أمواج الأثير بأحد الاذاعات الخاصة والتي ولدت من رحم عائلة بن علي شمس آف أم التي كانت تملكها ابنة سيد تونس الأول قبل 14 جانفي والذي أصبح مأسوفا على فراره تستدعي أناسا من المعارضة وعلى رأسهم شخصية دستورية عمل مع المجاهد الأكبر مدى الحياة حيث أنه طلب من المعارضة قبل 14 جانفي ورأسهم الخوانجية الاعتذار اليم وبعد الثورة من الشعب التونسي وعلى رؤوس الملأ نعم الضحية تعتذر من الجلاد هذا ما انجزته الثورة وكذلك كان في الجلسة محلل سياسي مستقل جدا بلون أحمر قاتم يتحدى القانون ولا يعترف به ويحمل الشارع تطبيق قوانين الثورة حتى لا تتقدم القوى الرجعية وتنتهي كما انتهت الدكتاتورية والكل يأخذ مستحقاته من حقبة الاستبداد ولا صوت يعلو فوق صوت الثوار ولا قداسة للقوانين.
في الحقيقة هذا المشهد القاتم اليوم أحالني الى يقين كنت لا أريد ان يتأكد لدي وأنا اراقب منذ شهرين أو يزيد الساحة السياسية وتطوراتها الدراماتيكية الأول أن الأعلام اليوم تخلص من الخوف والاستحياء من ماضيه الأغبر ومضى بالسرعة القصوى ممتطيا ظهر الثوريين الغاضبين من أحجامهم التي لم يقدرها الشعب يوم 23 أكتوبر والثورجيين الذين لم ينجحوا في الإطاحة باعتصام القصبة الثاني عندما جندوا رؤوس الأموال الفاسدة في اعتصام في المنزة تقوده عصابات تزعمت وقتها ثورة مضادة وقودها مناصري حكومة الغنوشي الأولى التي امتصت دم هذا الشعب والكوادر والكفاءات المزعومة التي نفذت في الإدارة وكانت المعول الذي هدم قدرات هذا الوطن وسهل نهبه والتي أصبحت تخاف من الحساب وضياع المصالح وأخيرا الدستوريين والتجمعيين المتلونين كالحرباء عبر نصف قرن أو يزيد والذين هم اليوم يتسللون بل أصبحوا في الواجهة بصفاقة يتصدرون الاعتصامات والمظاهرات جنبا الى جنب مع المعارضة ونخب المجتمع المدني المزعوم وتتوعد وتتهجم على الترويكا وتصف رموزها ووزرائها بشتى النعوت بعد أن توهمت بأن جرائمها ستمحوها الفوضى وخلط الأوراق وهذه فرصتهم اليوم وتزعم السبسي لهذا المحفل ستكون الفرصة المناسبة لهم .
هؤلاء لا لوم عليهم لأن مصيرهم عاجلا أو آجلا سيكون مزبلة التاريخ لأن الشعب ومنا ظلي هذا الوطن المكلوم لن يلدغوا من نفس الجحر مرتين وسيساقون للعدالة حتما لكن نسأل لماذا ينجر سياسيو اليسار المناضل وراء هذا الإخطبوط والسرطان القاتل ؟؟؟ لماذا ينهي مساره بهذا الشكل المخزي حتى نرى رموزا كانت تقارع الاستبداد أمثال حمة الهمامي ورفاقه من حزب العمال الشيوعي تسير جنبا الى جنب مع عصابات المال الحرام من انتهازيين وتجمعيين ودساترة وأطراف يسارية محسوبة على البوليس السياسي الذي تعاملت معه مثل زعيم الحزب اليساري الاشتراكي محمد الكيلاني وبورجوازية تخاف على علويتها وتكبرها أعجبتها الأضواء واكتشفت بهرج الزعامتية أمام عدسات الأعلام المتهافت على الاثارة وصنع نجوم من ورق .
هناك أطراف أخرى خطيرة جدا تتقاطع مع هؤلاء تتخفى وتخترق الصفوف لتخلق أمرا واقع وفوضى وتهيأ الأسوء تلعب مع الأجنبي وقوى لا زالت متنفذة لها معها علاقة سابقة في البوليس السياسي خاصة الذي لم يلعب ورقته الأخيرة وهذه الوثيقة التي تجدونها مع هذا التحليل تسربت منذ أيام تخص شبكة دستورها حول هيكلتها الغير معلنة تفسر طبيعة هذا التنظيم الذي يزعم اقتراح والعمل على الدستور وطبيعة التنظيم ونشاطه والأموال التي يصرفها على الاعتصامات والتظاهرات والحشد في الجهات تثبت أن أجندة جوهر بن مبارك ووالده الحزقي وشركائه مسترابة ولا تتحرك بدون أهداف ولا علاقة لها بالدستور والعمل في الميدان الجمعياتي والمدني ولا بقانون الجمعيات بل تتحرك حسب تنظيم حزبي غير معلن له خلايا وتنسيقيات محلية وجهوية وبرامج للتحرك الميداني في اطار تنظيم سري يعمل على اعداد الوقفات الاحتجاجية والاعتصامات والمواجهات ولا علاقة له بالدستور كما تبينه الوثائق المسربة لهذه الشبكة المرتبطة بأطراف أجنبية وبتمويل خارجي وتخطيط غير معلن ؟؟؟ كذلك آمنة منيف التي سأوافيكم لاحقا بمعلومات ومعطيات عن طبيعة هذا التنظيم الذي تقوده من الداخل وتخطط له أطرافا من الخارج......يتبع
محمد المولهي
نقابي وناشط سياسي

السبت، 14 أبريل 2012




شرادم اليسار و اضحوكة اسقاط الحكومة


بعد مرور اكثر من ثلاث اشهر على تولي حكومة الترويكا السلطة يخرج علينا بعض الاطراف اليسارية بفكرة "اسقاط الحكومة متعللين بتعلات شتى فالمتعقلون منهم يحتجون بضعف اداء الحكومة وعدم احراز تقدم ملموس في الملفات العالقة البطالة والتنمية الشهداء و الجرحى الخ اما المتنطعون منهم فيعلنونها صراحة انهم في عداء تاريخي مع النهضة و ان النهضة هي عدو الشعب و لدلك يجب منعها من الحكم بكل الطرق

ولا حاجة الى كثير من العناء لتبيان ضعف حجج الفريقين فمن التعسف محاسبة حكومة عمرها ثلاث اشهرمهمتها البناء على الخراب و والجميع يعرف حجم الخراب الدي خلفه مايزيد عن نصف قرن من الاستبداد و الفسادوبالرغم من قصر المدة مائة يوم فان الحكومة نجحت في الحفاظ على الاستقرارالدي ادى الى عودةعجلة الاقتصاد الى الدوران بعد ان كانت واقفة تماما والاحصاءات و استطلاعات الراي المنشورة مؤخرا تدل على دلك

في حقيقة الامر ان تقليعة اسقاط الحكومة هي اقرب الى النكتة من اي شيء اخر ومهماتكن خلفية الاطراف الداعية لها و الساعية لتنفيدها فانها تدل على ضحالة التفكير السياسي لديهم و ان بعض الاطراف اليسارية مازالت لم تتخطى بعد مرحلة المراهقة السياسية دلك انهم مازالوا الى يومنا هدا يمارسون السياسة بالضبط كما كاتوا يمارسونها ايام الجامعة سنوات سبعينات و ثمانيننت

من الحماقة الاعتقاد انه يمكن اسقاط حكومة منتخبة بطريقة ديمقراطية في انتخابات شهد لها العالم باسره بالنزاهة والشفافية باطلاق ؤبعض المسيرات هنا و هناك بين الحين و الاخر

اتساءل متى يكبر هؤلاء

ملخص القول: ثم واحد جايطيح في الحكومة ياخي طاح قدرو


الأحد، 8 أبريل 2012




هرب الرئيس... يحيا الرئيس
انتخب السيد منصف المرزوقي رئيسا لدولة ما بعد الثورة ، فهللت الصحافة الصفراء وانهالت على الرئيس بعبارات التقدير في وضع لا يكاد يختلف عما كنا نراه سابقا ، وتذكرت ماضيه النضالي بكل تفاصيله ، وبدأ النفخ في الرجل ، وبالرغم من ان احدا لا يستطيع ان يشكك في التاريخ النضالي للدكتور المرزوقي الا ان ما كتب عنه لا يتسم بالموضوعية ويعيد الى الاذهان تأليه الزعيم وهو ما لم يستطع ان يتخلص منه العدد الأكبر من الصحفيين الذين جبلت اقلامهم على التزلف والمديح للسلطان حتى اضحى مرضا يصعب شفاءهم منه ، لذا فاني وجدت نفسي مظطرا لبسط رؤية اوفى عن السيد الرئيس ، فقد قضى الجزء الأكبر من عمره خارج ارض الوطن ، فقد غادر مبكرا تونس الى المغرب ثم الى فرنسا حيث اتم دراساته العليا في الطب ثم استقر هناك لمدة طويلة تقارب العشرين عام ولم يعان ما عاناه الشعب التونسي من خصاصة ونقص في الرزق ليعود الى تونس في اواخر السبعينات ويدرس في كليات الطب بها (كلية الطب بسوسة ) ، ولم نعرف عنه الا رئيسا او مترشحا للرئاسة بعد ذلك في كل نشاط قام به ، فبرز نجمه كرئيس للرابطة التونسية لحقوق الانسان في بداية تسعينات القرن الماضي ثم كمترشح للرئاسة مع بن علي في عام 1994 وهو التاريخ الذي سجن فيه لمدة اربعة اشهر قبل اطلاق سراحة بتدخل من شخصيات ومنظمات حقوقية عالمية ، ثم رئيسا للمجلس الوطني للحريات في نهاية التسعينات فرئيسا للمؤتمر من أجل الجمهورية في بداية القرن الواحد والعشرين ،ليغادر البلاد مرة اخرى بصفة اختيارية لينفي نفسه في فرنسا لمدة عقد من الزمن تقريبا مخيرا النضال عن بعد ويصرح على المباشر في الجزيرة انه سيعود للنضال داخل الوطن عام الفين و ولكنه لم يفعل الا في 2011 وبعد هروب الرئيس ، ليعلن عن ترشحه للرئاسة منذ وصوله مطار تونس قرطاج ولم يكن دم الشهداء قد جف ، مما تسبب له في توجيه الاهانات اثناء زيارته للمعتصمين في القصبة وسوء استقباله في عدد من المدن التونسية بعد ذلك ، ولكنه اصر على الترشح للرئاسة مرة اخرى بعد انتخابات المجلس الوطني التأسيسي وتشبث بذلك وشد عليه النواجذ فاستجابت النهضة لطلبه وهي الباحثة عن وجه علماني ترضى به الغرب وتنازل السيد مصطفى بن جعفر لغرور الرئيس مفضلا الجلوس على ربوة مجلس التأسيس ،
وفي اول ظهور له كرئيس عبر المرزوقي عما كان يختلج في صدره ، وقال بان الرئاسة هي اقصى ما يمكن ان يحلم به انسان ، وهي القشة التى افاضت الكأس ، فلم يكن مقبولا في الحقيقة ان يختزل السيد الرئيس حلم مناضل في ان يكون رئيسا ، فالمعتقد السائد ان حلم كل مناضل هو تخليص شعبه من الظلم وان يظل مناضلا ابد الدهر ، ففي حين كان المواطن التونسي ينتظر منه خطابا من قبيل " وليت عليكم ولست بخيركم " و" ان اصبت فاعينوني وان اخطأت فقوموني " وغيره من كلام دال على الشعور بثقل المسؤولية ، راينا رئيسا يفرح بتوليه الرئاسة اكثر من فرحه بثورة شعبه حتى ان البكاء غالبه فاجهش ، كما اجهش بعد ذلك عند ذكر الشهداء ,,وقد كره التونسيون البكائيات الرئاسية منذ عهد " الزعيم " ...
لذا فان بذرة الدكتاتورية موجودة لدى رئيسنا وعلينا الا نذكيها وننفخ فيه مرة اخرى بل على العكس كان من المفروض ان يصدر في القانون المؤقت للسلط نص يمنع على من يختاره المجلس التأسيسي رئيسا للبلاد الترشح لنفس المنصب لولاية اخرى ليس فقط قطعا على السيد المرزوقي المفتون بحب الرئاسة ولكن لنبدأ بتعليم الناس التداول على السلطة وعدم احتكارها وحتى تتساوى حظوظ المرشحين لاحقا ولن تكون افضلية لمن تولى الرئاسة انتقاليا وحفاظا على هيبة وخصوصية اشغال منصب اول رئيس لجمهورية ما بعد الثورة يقع اختياره بواسطة مجلس وطني تأسيسي ، وحتى وان اغفل القانون ذلك وغاب المقترح عن اعضاء المجلس جميعا فكان على السيد المرزوقي ان يتعهد بعدم الترشح للرئاسة لاحقا وهو تصرف المناضل الحقيقي الصادق الذي تتعلم منه الاجيال ومن تضحياته ،
والأمر في الحقيقة ليس حال الرئيس فقط ، وان كان بالدف ضاربا ، بل ان النخبة التونسية اظهرت انتهازية لا مثيل لها ، فالفائزون اظطرب بيتهم الداخلي جميعا بسبب العراك على المناصب فالبعض طفى صراعهم على السطح والبعض الآخر بقي خفيا للضوابط الأخلاقية التى تحكم بعض الاحزاب ، في حين ان الأحزاب الخاسرة لم تتصدع لأنها لا تملك غنيمة تتصارع عليها وعلى العكس ذهبت في اتجاه لملمة شتاتها استعدادا لعراك مستقبلي عن غنائم انتخابات قادمة ، وهكذا نحن ... فمتى تتغير حالنا .
عمررواني حقوقي وناشط سياسي

الثلاثاء، 27 مارس 2012




السبسي والنفخ في القرب المثقوبة
تبدوا في الأفق السياسي لمسار الثورة التونسية بوادر مريبة وتهديد مباشر من قوى الردة التي تتهيأ لإعادة التجمع الدستوري إلى الواجهة السياسية مرة أخرى وهناك تيارات سياسية كانت مكون أساسي لمخاض الثورة قبل 14 جانفي وبعده تعد من ركائز اعتصام القصبة 1-2 -3 الذي حدد المطالب الأساسية لمرتكزات الانتقال الديمقراطي بداية بهدم مؤسسات الاستبداد نهائيا ولا مجال لمشاركة التجمع الدستوري الديمقراطي في الحياة السياسية والبناء الديمقراطي الجديد.واذا ما اعتبرنا إن هيئة بن عاشور التي رتبت الآليات الأولية حسب مطالب القصبة الشعبية والتي كانت متفقة بيسارها المناضل وقومييها ولبرالييها وعلمانييها الذين كانوا ملتفين جميعا في القصبة ومتفقون إن لا مجال لمشاركة التجمع بكل مكوناته في مرحلة البناء .وعلى الرغم من المحاولات التي كانت تحاك هنا وهناك من شبكة المصالح التي كانت متخوفة من العدالة الانتقالية ومصيرها في مرحلة تركيز مؤسسات شرعية تقررها الانتخابات والتجمع في اعتصام موازي بالقصبة غير أنها فشلت أمام تمسك القصبة في القطع نهائيا مع منظومة الاستبداد والفساد .وفي هذه المرحلة الدقيقة مضت فيها المؤسسات المنبثقة عن المجلس التأسيسي في تجسيد الاستحقاقات والإبقاء بمطالب القصبة الثورية و بالأساس العدالة الانتقالية ؟؟
وعندما دقت ساعة الحقيقة تحركت من جديد قوى الردة في محاولة يائسة للإفلات من هذا الاستحقاق والغريب أن أطرافا كانت مكونة للاعتصام بالقصبة اقتربت من هذه القوى التي أصبحت ترتبط معها في شبكة مصالح معقدة منها
السياسي والأخر ناتج عن الصفقات الخفية التي أبرمت معها قبل انتخابات 23 أكتوبر حيث أنها وفرت سيولة مادية وضخت أموالا ضخمة في حملاتها الانتخابية مراهنة على نجاحها في الانتخابات لتضمن نجاحها غير أن فشلها في تحقيق أهدافها جعلها اليوم تصطف مع هذه القوى وترتبط معها من جديد لإرباك البناء الديمقراطي وتحول دون جلب رؤوس الفساد للعدالة.
إن اجتماع المنستير ونداء الوطن المزعوم برموز قديمة جديدة ونبش في الفكر البورقيبي عمود الاستبداد ومنظر الدستوريين الذين استفردوا بالحياة السياسية منذ خروج الاستعمار والتفاف شبكات المصالح المعقدة التي كانت تتغذى من نظام الاستبداد النوفمبري المترابط عضويا مع الدستوريين و التي سهلت لها الحصول على امتيازات كبيرة بنت بها إمبراطوريات مالية كبيرة من مقدرات وثروات الوطن هي بداية عودة التجمع الدستوري في جبة الباجي قائد السبسي الذي ينفخ في جثة هامدة باسم الدستوريين الذين هم اصل الداء الذي يتغذى منه السرطان التجمعي الذي جثم على أنفاس كل التونسيين طيلة نصف قرن أو يزيد بطش بالمعارضين قتلا وسجنا وتشريدا
اسأل ..هل أن ما رأيناه يوم السبت 23 .3 .2012 في المنستير إشارة جديدة على القوى التي لا زالت مؤمنة بان القصبة حصن لهذه الثورة ؟؟ وما تابعتاه من تفاعل على شبكة التواصل الاجتماعي لبلتها هو حالة صيحة واستشعار بخطر داهم لا محالة من خلال عودة التجميعيين وبداية الحشد لإعداد القصبة 4
بقلم محمد المولهي نقابي وناشط سياسي

الجمعة، 16 مارس 2012





ان ما يتوجس منه النقابيون حقا قبل وبعد مؤتمر طبرقة الأخير موضوع الهيكلة وإصلاح النظام الداخلي للمنظمة وتحويل الجهة المختصة بذلك حسب ما يقر به النظام الداخلي الساري المفعول وفي الفصل 86 منه وينص على ما يلي "لا يجوز تنقيح القانون الأساسي للاتحاد العام التونسي للشغل إلا من قبل المؤتمر الوطني ويمكن للهيئة الإدارية الوطنية إضافة أو توضيح بعض الفصول في النظام الداخلي حسب الوضعيات والإشكاليات التي لا يوجد لها نص واضح في الغرض بشرط إن لا تكون مخالفة للأحكام القانونية الأساسية للاتحاد العام التونسي للشغل " انتهى النص .
وان الذي وقع تمريره والمصادقة عليه في اللائحة الداخلية لمؤتمر طبرقة الأخير "إن إعادة النظر في الهيكلة الحالية تستدعي تطوير القانون الأساسي الذي هو من مشمولات المؤتمر العام.....وكانت محاولات فاشلة في مؤتمري جربة والمنستير . لأن المؤتمرين كانوا واقعين تحت ضغط انتخابي .....خلافا لمقتضيات الفصل 86 من القانون الأساسي للاتحاد العام التونسي للشغل والمتعلق بتنقيح هذا القانون تقرر إحالة أحكام هذا الفصل بصفة استثنائية إلى المجلس الوطني الذي ينعقد وجوبا في أجل أقصاه نهاية سنة 2012 "
وإذا ما استندنا إلى هذه الفصول الصريحة بالنظام الداخلي فان تحويل مسار النظر في النظام الداخلي من الجهة المخولة قانونيا بذلك بصريح الفصل 86 إلى جهة أخرى غير معنية ولا تملك الشرعية يعتبر تحويل وتهيئة ظروف مسترابة لأنها بالأساس غير ممثلة وسنرى ذلك .
لقد كان مطلب الهيكلة من جبهة واسعة من المعارضة النقابية في أوائل التسعينات إلى حدود مؤتمر المنستير 2006 وكذلك قبل مؤتمر طبرقة وفيما بينهما الفترة التي سبقت الثورة والتي كانت حقبة سوداء في تاريخ المنظمة النقابية التي استهدف فيها الفصل العاشر وكان أنصار الاتجاه البيروقراطي بالمنظمة والمنافي للديمقراطية النقابية يدعوا إلى تغيير الفصل العاشر حفاظا على الاستمرارية ولكن هو حفاظا على مصالحهم الشخصية لا غير مستعملين الشرعية التاريخية لقيادات الاتحاد وخاصة العاشوريين وجزء من التيار اليساري وتستعمل هذه القوى الجاذبة للرواء نفس الذرائع التي كانت تستعمل قبل ثورة 14 جانفي عندما استهدف الفصل العاشر وأيام الغطاء السياسي الذي كان يوفره النظام النوفمبري . وإذا اعتبرنا إن قرارات المجلس الوطني بعد مؤتمر المنستير مثال فان النتائج كراثية مثل تمطيط في المدة النيابية من سنتين إلى ثلاث سنوات بالنقابات الأساسية ومن 3 إلى 4 سنوات بالنسبة للجامعات والنقابات العامة والاتحادات الهوية ومن 4 سنوات إلى 5 سنوات بالنسبة للمكتب التنفيذي الوطني وكذلك الاقتراح بالنسبة في التصويت داخل الهيئة الإدارية والذي كان من المفترض العمل به منذ 15 سنة تقريبا عندما كان عبد السلام جراد مكلفا بالنظام الداخلي في عهد السحباني مراعاة لتفاوت وزن القطاعات والجهات من حيث نسبة الانخراط وحاجيات التمويل .
وإذا ما اعتبرنا أن الدعوة هذه لا تختلف عن الدعوات السابقة في إعادة الهيكلة وإصلاح النظام الداخلي نابعة من المركزية المشطة ونمط الهيكلة التنظيمية العمودية وطرق التسيير الفوضوية وسوء التصرف الإداري والمالي . وذلك من أجل تفكيك منظومة التكتل البيروقراطي واستمراره وتمكنه من المنظمة والسيطرة على مفاصله التي يجثم عليها ويخنق أنفاسها.وتضخم التصرف الفردي المطلق للأمين العام وخاصة في عهد السحباني ومن بعده عبد السلام جراد والبقية من أعضاء المكتب التنفيذي رعاية هذا النمط ألتسييري والحفاظ عليه باعتباره أولا ضامن من لمصالحهم كهيكل ومجموعة وكيانات سياسية وأفراد وثانيا سيشكلون مع بعضهم اسطوانات ضرورية للماكينة الجهنمية التي تسيير المنظمة .
إن النقابيين اليوم يخشون من معطيات تتوفر وتستفأ من خلال مشاريع معدة سابقا بمعنى قبل الثورة وما كان يدور حول مشاريع تضمن تغيير الفصل العاشر قبل المؤتمر ومن خلال المجلس الوطني عجلت الثورة بإجهاضه لكن هناك خط نقابي ما زال يراهن على المناورة قد يقع تمريرها من خلال تركيبة المجلس الوطني الذي حافظ على نسبة هامة من مكوناته لطبيعة استمرار نفس الأشخاص والموالاة للمكينة ذاتها .
كذلك تزداد المخاوف اليوم لأن مشاريع خطيرة تعد من أجل مراجعة تركيبة الهياكل التقريرية كالمجلس الوطني والمؤتمر الوطني لتقوية البيروقراطية في تأبيد هيمنتها على مصائر المنظمة واجتناب أية مفاجآت غير سارة . ولذلك لم تجرأ على طرح مسألة تنقيح النظام الداخلي والقانون الأساسي في مؤتمر طبرقة ونجحت في ذلك ربما عبر صفقات مع الاتحادات الجهوية والجامعات والنقابات العامة التي التزمت بضبط القواعد أو إلهائها بصراعات جانبية عبر تفجير الصراع السياسي والأيديولوجي وتغذيته من خلال التحالفات المشبوهة . أو ربما خشيت من ذلك لعدم سيطرتها على النيابيات فتحايلت على النواب ومررت ذلك إلى المجلس الوطني لأن تركيبته التي تتكون من –أعضاء الهيئة الإدارية ألوطنية الكتاب العامين للاتحادات المحلية – الكتاب العامين للفروع الجامعية والنقابات الجهوية ومن هنا يسهل التحكم في صنع القرارات وتمريرا لمشاريع دون عناء وحتى التي برمجت قبل مؤتمر طبرقة وحتى ثورة 14 جانفي . ولترابط مصالح هؤلاء مع المركزية النقابية ولتجنب ذلك في المؤتمر لأنه قوة سيادية وسلطة تقريرية وتجنب ذلك في المؤتمر لأنه قوة سيادية وسلطة تقريرية واسعة ويتمتع بها ويستمدها من تركيبته التي تعكس كأوسع ما يكون الإرادة الجمعية للمنخرطين وتمثلهم كأقرب وأفضل ما يكون التمثيل عبر النقابات الأساسية لأن هؤلاء النواب يحملون صفة مخصوصة ويضفي حضورهم بهذه الصفة على المؤتمر قوة سيادية تقريرية ممثلة وشرعية . اليوم تبرز مؤشرات خطيرة داخل المنظمة تنذر بمصادرة الهامش الديمقراطي داخلها وهو المفتاح الأساسي للنهوض بها وبقائها واستمرارها لأن استهداف المنظمة في أحد مكتسباتها لن يبقيها مناضلة- مستقلة وهي خاضعة لنمط تسيير بيروقراطي متحجر ولا يحترم نظامه الداخلي تحت أي تعله كانت حسب ما زعم باللائحة الداخلية التي التقت على الفصل 86 .
ان التركيبة الحالية للمكتب التنفيذي ترتكب جريمة كبيرة في حق المنظمة بعد التزاوج الغير شرعي بين المحاصصة السياسية والعقلية البيروقراطية في مؤتمر طبرقة الأخير واختيار الانقلاب على النظام الداخلي وتجاوز قوانينه من أجل أهداف معلومة تتخلص في تشديد القبضة على الاتحاد وحمايته من خصم سياسي موهوم حتى وان كانت ذريعته القيام ببعض الإصلاحات التجهيلية ولكن في الباطن الزج بالمنظمة في مناورات سياسية والانحراف بخطه النضالي واستحقاقات الدفاع عن الملفات الاجتماعية العاجلة خدمة لأطراف تعتقد أن الاتحاد أصل تجاري والبقية للمحافظة على المنافع الشخصية التي جعلتهم يتشبثون بمواقعهم داخل المنظمة .
إن الذين يتوهمون أنهم يلهون القواعد النقابية باستعمال المنظمة ذراعا سياسيا لترك يع خصومهم السياسيين بعد اكتشاف ضعفهم في الاستحقاق الانتخابي المفتوح بعد الثورة وفشلهم في المنازلة السياسية عبر صناديق الاقتراع لا يدركون حجم الجريمة بتحويل وجهة الاستحقاق الشرعي بهيكلة المنظمة من المؤتمر العام إلى المجلس الوطني في خطوة خطيرة لا يقدرون عواقبها .
أما الأطراف الأخرى المدافعة على الخيار الديمقراطي داخل المنظمة واحترام القوانين المسيرة للمنظمة ستسعى إلى إرجاع سلطة القرار فيه لأصحابه الشرعيين. أي القواعد النقابية والعمالية وتحويلها إلى إطار حقيقتي للدفاع عن العمال والأجراء .
والمطلوب اليوم من هؤلاء التعقل والتخلي عن هذا القرار الغير قانوني لتجنيب المنظمة انزلاق خطير لا يتناسب مع ارثها الديمقراطي والذهاب الى مؤتمر استثنائي خارق للعادة تحت عنوان واحد إصلاح الهيكلة ومراجعة القانون الأساسي والنظام الداخلي وإذا أصروا فالنقابيين سيلتجئون الى خيارات أخرى نضالية منها الذهاب للسيزل .
محمد المولهي
مسؤول نقابي
وناشط سياسي