السبت، 25 أكتوبر 2008


اعلام منزوع الدسم presse demi écrémé

زغردي يا خالة على الضو علكياس عالسبالة
زغردي ترسمنا
ظهر اسمنا بين الدول تقدمنا
ونور الهندي في شواير تالة

شعربالعامية

الكل يحاول الظهوربمظهر الراضي ويتعسف على رسم ابتسامة صفراء على شفتيه لكن التفاصيل في الوجه تفضح المستوروتكشف ما خفي من حقائق الامور وضيق الحال يقولون لنا ان ا لامور جيدة وان كل شيئ على مايرام وتطاردنا ابواق الدعاية في كل مكان لتردد على مسامعنا نفس الاصطوانة المشروخة نحن بخير وامورنا عال العال و لا ينقصنا شىء وقريبا سننضم الى نادي الشعوب المتقدمة مادا تعني هده العبارات المنمقة لمواطن غارق في الديون من شوشة راسه الى اخمص قدميه
لكن الحقيقة المرة التي يعلمها الجميع ان امورنا ليست جيدة ولن تكون جيدة ما دمنا لا نصارح انفسنا كل دلك المجهود الدعائي الضخم وتلك الحشود المجندة من الاعلاميين في المرئي والمسموع و المقروء والتي لا هم و لا شغل لها سوى اغراقنا في الوهم و تعويمنا في العسل لن تحجب ضوء الشمس ولن تنجح في قلب الحقيقة
من يتجول في الشوارع والازقة خاصة في المناطق الداخلية -الشريط الحدودي شمال غربي وسط وجنوب - ويجلس في المقاهي و يتحدث الى الناس و يتامل في تفاصيل وتنايا الوجوه يدرك حجم المعانات كيف لاو البطالة في مثل هده المناطق تصل الى نسب مدهلة 20 و 30 بالمائة و نسق التنمية بطيئ والخطط المطروحة تواجه صعوبات في التنفيد ونقص واضح قي الفاعلية اضف الى كل دلك مواسم فلاحية ضعيفة وغلاء غير مسبوق في الاعلاف حيت يقع جل الفلاحين و المربين في حيرة من امرهم فهم لا يستطيعون بيع مواشيهم لان الاسعار زهيدة لكثرة العرض و هم لايقدرون على دفع نفقات الاعلاف على ندرتها

الحقيقة ان حياتنا تحولت الى ما يشبه اسطورة سبزيف فالصخرة التى نحاول دفعها كل يوم الى قمة الجبل سرعان ما تتدحرج لنجدها بانتطارنا في السفح في صباح اليوم التالي -
كل المؤشرات تقول ان المرحلة دقيقة وصعبة حيث تتداخل العوامل الاقليمية والعالمية وتنعكس على الداخل سلبا و ايجابا اد اصبح من المستحيل ان نعزل انفسنا عما يدور حولنا لدلك كم نحن بحاجة الى تحصين جبهتنا الداخلية الى رص الصفوف و شحد الهمم و اعلاء شان الوطن و ترسيخ صفة المواطنة واعتبار الولاء للوطن فوق الولاء للاشخاص و الزعامات
كم نحن بحاجة الى الردعلى سوال محوري و جوهري لطالما طرح نفسه بالحاح كيف يمكن توضيف كل فكرو كل ساعد و كل موهبة وكل طاقة في خدمة تقدم ورقي هده البلاد
الحقيقة ان كل متامل لمختلف التجارب التنموية و محاولات النهوض في عالما العربي يدرك ان كل مشروع يتعمد اقصاء جزء من ابناء الوطن مهما كان حجمهم و مهما كانت انتماءاتهم الفكرية هو مشروع ناقص ومحكوم عليه بالفشل ولنا في التاريخ شواهد عديدة عن مشاريع تدعي الوطنية لكنها تمارس الاقصاء و تتبناه عقلية و منهجا كان الفشل نهايتها الحتمية وفي تاريخ بلادنا الحديث و بعد 52سنة من تاريخ الاستقلال نجد ان الاقصاء عقلية و سلوك ثابتين يميزان مسيرة السلطة في تونس

لقد ان الاوان للجميع ان يدركوا ان زمن تغطية العورات وتزيين العيوب بالاعتماد على الاعلام الماجور و المدجن كما هوحال الاعلام الرسمي قد ولى الى غير رجعة لاننا في زمن السماوات المفتوحة ومن يمارس حجب المعلومة او تزييفها او قلبها نقول له كان زمان و يا حسرة على زمان بوعنبة لان اللعب الان اصبح على المكشوف

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

الطوفان

تلقفته أمواج البرد لدى خروجه من السيارة فاصطكت أسنانه وارتعشت أطرافه، وأحس بأنه يكاد يتجمد وهو يهم بالنزول من السيارة على مشارف "شقب النار". لاحظ أن الماء يتدلى كخيوط شمعية من أحد الأسقف المتداعية للسقوط. كم عمر هذه الأسقف الموروثة من المعمرين الذين مروا من هنا يوما ما؟
التفت إلى الوراء فجاءت عينيه على مرآة السيارة، فاختلس نظرة إلى وجهه فاكتشف أن أرنبة الأنف احتقنت حتى صارت في لون "طماطم".
كان الناس يمشون من حوله وكأنهم أطياف أشباح أو أطلال أوهام تخلفت من حلم غامض.
شقب النار يلفها ضباب سائل وكثيف، كان يرى السيارات المتكدسة على الرصيف كتل من الحجر الأبيض شبيهة بأنعام البني شعيب، وأشجار الصنوبر والعرعار والصرو المتناثرة على الجبال وشاحا لا واقعيا من الخضار. أما الفضاء فقد تحول إلى سمفونية صامتة تساقط منها بانتظام حبيبات لزجة، عنكبوت مائي هائل ينسج شبكة محكمة حول الناس والأشياء. القرميد الأحمر ومنارات المساجد والقباب بدت له مخلوقات دهرية معممة يثير منظرها الرهبة والخشوع.
لا صوت، بل لا نأمة في الطرقات الخالية، ورغم قساوة البرد في شقب النار أحس بغبطة عميقة لم يكدر صفوها سوى حنقه العميق على "الشلة" في ذاك الصباح اللعين، وأسفه الشديد على تخلفهم، عن هذا الموعد... وبدأ يجتر نظريته القديمة في "الشلة"، إنهم لا يقيمون وزنا لإثنين : الزمن والإنسان. وهم مثل كل العرب شرقيين أم مغاربة يعيشون في الأزلية بدلا من الزمنية، سوف يلتقي بهم غدا أو بعده. فيبتسمون له ويعتذر ويعتذرون وتبدأ الحياة دورتها الطبيعية. أليست العجلة من الشيطان؟
إنه يغتسل من رجس المدينة، شقب النار تطهره من التلوث الصناعي الخانق. الآن بإمكانه ان يتنفس ملء رئتيه هواء نقيا صافيا منعشا.
اليوم أحس بأن شقب النار ملكه وحده، وملك أمثاله من عابري السبيل. لا أضواء حمراء ولا خضراء أو برتقالية ولا خطوط تحدد مكان المرور ولحظته. إن هذا لا يحدث إلا نادرا، منذ قليل سمع عبر الأثير في السيارة أن هذه الكتل الهوائية تسللت من القطب الشمالي المتجمد، وهو يعرف النغمة وألفها في كل شيئ. فالمناخ كذلك لن يشذ عن القاعدة هو آت من الخارج. لا يوجد عندنا شيئ يحدث نتيجة تفاعلات محلية، إنهم يبحثون دائما عن أيد أجنبية حتى وراء الظواهر الطبيعية. ولماذا لا تكون التغيرات المناخية ناجمة عن تقلبات مزاجية؟ مثلا ليس هناك أي مانع من اعتبار أن مناخ بلد ما هو ثمرة لإنزعاج الطبيعة من أخلاق سكانه. أعتقد أنهم سيضحكون من هذا الكلام وأقصد "الشلة".
فالطبيعة كائن حي، رقيق جدا وحساس جدا وشاعر بكل ما في هذه الكلمات من معان. وأنا واثق أو قل "شقب النار" أكدت لي اليوم أن هناك في المدينة من أشخاص وجماعات تنفر منهم الطبيعة وتدفعها حماقاتهم وسفاهاتهم وضلالاتهم وما يتسم به تصرفهم من غرور ونزق وطيش إلى السخط المدمر والمستمر.
ثواني؟ ودقائق؟ وساعات سوف يشعر فيها براحة عظمي في أحضان "شقب النار" ما دامت تلك الدواب الميكانيكية القذرة والحقيرة لا تنفث دخانها في الهواء.
راودته فكرةأن يصعد إلى الفوق هناك في باب "الغدر". أعلى ارتفاع في "شقب النار".
هي بوابة دخل منها المستعمر إلى البلدة ولما خذلوها علقوا شماعة تقاعسهم على غدر العدو. ومضوا بعد خروجه على تقاعسهم، ولكن "شقب النار" رحيمة وحليمة والنملة تعتز بثقب الأرض. وهؤلاء نطفها ويتناسلون حولها، تخيل لو أن المستعمر ظل هنا الى يومنا هذا. هل أن "شقب النار" ستكون على هذا الحال؟ هل سيتغير ثوبها ولونها؟ هل سيبقى فيها هؤلاء البؤساء؟ ذهب به الخيال إلى الأشياء التي لا يستوعبها هذا الفضاء.
عاد إلى الطبيعة في أحضان "شقب النار" بعد أن قرر أن يطرح السؤال على شلته التي تخلفت عن هذا المحفل السريالي. تصور أن هذا السيل سيتحول إلى طوفان وقوة تهدم معها كل هذه الأبنية وتغور الطرقات. ولا يبقى من طريقة للتنقل إلا الأقدام. وجد رغبة ملحة تحثه إلى الذهاب إلى مجرى أحد الأودية القديمة في أسفل الجبل ليرى مستويات المياه المتدفقة منه، لقد رآها في صغره شلالات عظيمة كما شاهدها على التلفزيون وفي أفلالم الخيال العلمي. تصور المنظر وهو ينظر من فوق الجسر القديم جال بخلده سفن وزوارق شراعية تغمر عباب النهر المتعاظم، ترتطم بالحيطان الضخمة التي تسور النهر، وتقترب من أشياء يبدو أنها مرافئ طافية لم يغمرها السيل بعد.
كانت هذه السفن المختلفة تبدو كأسماك شبحية هائلة تصارع موجا عاتيا يريد أن يلفظها على شاطئ متوحش. وعلى الضفة المقابلة بدت بنايات قصر العدالة وإدارة الشرطة كبوارج حربية راسية في ميناء قطبي محروس. وعن يمينه كانت المآذن والقباب أشبه بسفينة ركاب شراعية عنيفة وهائلة تمخر بحر الظلمات وسط إعصار هائج. وقال في نفسه : إذا استمرت الحال على هذا المنوال فمحال أن لا يحدث الطوفان غدا.
وتساءل بفرح ممزوج بالخوف وهل أشاهد الطوفان؟ ما أروعه، ما ألذه، فليأت الطوفان إذا. الليلة أو غدا. لينظف كل شيء. ولنبدأ الحياة بدونهم من جديد، حتى ولو أن الطوفان أتى على الأخضر واليابس، وجعل الأرض قاعا صفصفا.
فلا بد أن تشرق على رجل وامرأة تكون لديها رغبة في المضاجعة والإنجاب والعمل. سوف يصبح كل شيء ممكنا. وتحذف كلمة المستحيل من قاموس العرب. مشى فوق أحلام هواه طوعا إلى أن استطاع أن يداعب الماء البارد بإصبعه، واقترب من مركب صغير. كان التيار يتلاعب به. وفكر ودبر ثم أدبر وقدر وقال : لم لا أركبه وأبحر بعيدا، لأتفرج على "شقب النار" وهي تغرق ثم تغرق من بعدها كل المدن. وضحك من سذاجته وقال : إن الهروب مستحيل والأحسن أن أكون في قلب العاصفة حين تهب لتجر كل شيء. ألا يقولون أن الموت في "العشرة" هو ضرب من النزهة؟ بشرط أن تكون "العشرة" طيبة. ومن قال أنني لن أكون ثاني إثنين يبقيان على قيد الحياة بعد الطوفان، ويقومون بتعمير "شقب النار" بعد أن يغمر الطوفان كل المدن الأخرى؟ يملأنها عدلا بعد أن ملأها الناس جورا؟
آه. أين أنت أيها الطوفان العظيم؟ سوف تسد عليهم جميع المنافذ ولن يخرجوا. وتفاجئهم جميعا في أوكارهم. ولن تترك منهم أحدا يفلت من غضبك المقدس. ذلك هو الحل الوحيد وما عدا ذلك ثرثرة لا طائل ورائها ولا تحتها ولا فوقها. نعم. الطوفان هو الحل. ولكن بشرط أن يعم كل شيء وأن يطهر الأرض الطيبة لتكون صالحة للحرث وتلقى البذور الجديدة.
وأخذ يقرأ دون وعي آيات من سورة هود عليه السلام" وقال اركبوا فيها باسم الله مجريهاومرسيها إن ربي لغفور رحيم". "وهي تجري بهم في موج كالجبال، ونادى نوح ابنه وكان في معزل، يا بني اركب معنا ولا تكن من الكافرين" ."وقال سآوي إلى الجبل يعصمني من الماء، قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم ، وحال بينهما الموج فكان من المغرقين". "وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء اقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين".
ومن يكون نوح العصر؟ ألقى السؤال على نفسه ونظر نظرة إلى السماء فلطمته بحملة من دموعها الغزيرة وقال : إن الطبيعة تشكو سلسا مزمنا. و"تشخ" على الناس لتنتقم منهم. ولماذاتجزم أننا بحاجة إلى نوح؟ فكل الناس تنتظر نوحا دون طوفان إلا أنت؟ نعم انتظروا الطوفان ثم سياتيكم نوح من بعد ذلك، وصدقوني إن نوح العصر سيأتي آجلا أم عاجلا وإياكم والأنواح المزيفين فهم كثيرون اليوم وإياكم والطوافين المزيفة أيضا. الطوفان الحقيقي لم يأت بعد. فالطوفان سينبلج بغتة من ضمير الغيب، مثلما ينبلج الصبح من أحشاء الظلام. والطوفان ليس ذلك الذي يتصوره الأذكياء منكم. ولا تستعيدوا صورة الطوفان في القرآن الكريم كما رواها عز وجل، فالطوفان الآتي جديد ولن تتخيلوه ، ونوح المنتظر سيبول عليكم جميعا إن لم تكونوا من الذين آمنوا بالطوفان حسب المفهوم المدون في قدس الأقداس.
مهلا، أدعوكم أن تحافظوا على لعابكم في أشداق مغلقة بإحكام، ولا تتركوه يسيل عبثا متصورين أن نوحا العصري سوف يكشف لكم لعبتهّ ويريحكم من مشقة التفكير والتدبير.
ومرة أخرى لا تتصور أن نوحا يدعوكم إلى الإستمرار في المسلكية الإتكالية البليدة الحالية، أو يطالبكم بإسقاط كل أحلامكم وأوهامكم وهواجسكم ومطامعكم عليه. إذا فهمتم الإيديولوجية النوحية بهذا الشكل، انطبق عليكم قول الله تعالى في القرآن الكريم "مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا". صدق الله العظيم.
كان ذلك في يوم عاصف على مشارف "شقب النار" في يوم ربيعي عاود فيه الشتاء أياما متعثرة منه استعارهامن الربيع.


13 أفريل 2009
ابو ظافر