بوليس مكتف
الأحد، 18 نوفمبر 2012
يا اسلاميو تونس اتحدوا....
بوليس مكتف
السبت، 1 سبتمبر 2012
السامري.....
السامري ..... أسهب القرآن الكريم فى ذكر قصص كثيرة لبنى إسرائيل مع أخيهم يوسف الصديق عليه السلام، ثم مع موسى وهارون عليهما السلام، وفرعون وهامان وقارون، وصولا إلى عيسى عليه السلام، وختاما بمحمد -صلى الله عليه وسلم- ليأخذ المسلمون منها العبر والعظات. وتبدأ القصة بعد أن رأى بنو إسرائيل انفلاق البحر، تلك المعجزة العظيمة التى نجاهم الله تعالى بها من فرعون الذى كان يسومهم سوء العذاب، وذهب موسى -عليه السلام- إلى ميقات ربه، ليتلقى منه التوراة، وخلّف على قومه أخاه النبى هارون -عليه السلام- فقام السامرى الخبيث بصنع عجل من الذهب الذى قذفه بنو إسرائيل من زينة المصريين التى أخذوها معهم، وصنعه بطريقة تجعل الريح تصوت فى فراغه فتحدث صوتا كالخوار. ثم قال حكاية أثر الرسول يبرر بها موقفه، ويرجع الأمر إلى فطنته إلى أثر الرسول؛ حيث تقول بعض الروايات إنه رأى جبريل -عليه السلام- وهو فى صورته التى ينزل بها إلى الأرض؛ فقبض قبضة من تحت حافر فرسه، فألقاها على عجل الذهب، فكان له هذا الخوار، فقال لهم هذا الخبيث: هذا إلهُكم، موسى ضيّعه فذهب يبحث عنه، فعبدوا بأغلبهم هذا العجل إلا قليلاً منهم، ولم يستجيبوا لنصائح هارون -عليه السلام- فلما عاد موسى -عليه السلام- غضِب غضبا شديدا لدرجة أنه ألقى من يده ألواح التوراة وأخذ برأس أخيه ولحيته، وأقبل على بنى إسرائيل فعنَّفهم ووبخهم، وبعد التحقيق مع السامرى أعلن طرده من جماعة بنى إسرائيل مدة حياته فلا يقربه أحد ولا يقرب أحدا، بخلاف عقوبته عند الله فى الآخرة، ثم قام بحرق العجل وذر رماده فى البحر. أما العبرة من القصة فهى كما يقول صاحب تفسير الظلال الشهيد سيد قطب -رحمه الله والذى شُنِق ظلما فى الستينيات وما أدراك ما الستينيات- عن بنى إسرائيل إن الاستعباد الطويل والذل الطويل فى ظل الفرعونية الوثنية كان قد أفسد طبيعة القوم وأضعف استعدادهم لاحتمال التكاليف والصبر عليها، والوفاء بالعهد والثبات عليه؛ وترك فى كيانهم النفسى خلخلة واستعدادا للانقياد والتقليد ألمريح فما يكاد موسى يتركهم فى رعاية هارون ويبعد عنهم قليلا حتى تتخلخل عقيدتهم كلها وتنهار أمام أول اختيار. ولم يكن بد من اختبارات متوالية وابتلاءات متكررة لإعادة بنائهم النفسى. وكان أول ابتلاء هو ابتلاؤهم بالعجل الذى صنعه لهم السامرى. ولكن تُرى من هو السامرى ألجديد ومن هم أتباعه؟! الإجابة معلومة في ضل تواتر الأحداث في مسار الثورة وظهور السحرة والكهنة وكبيرهم السامري صاحب نظرية الكوع بوع. محمد المولهي نقابي وناشط سياسي |
الأحد، 26 أغسطس 2012
عن اي عدالة انتقالية تتحدثون ........
الأربعاء، 8 أغسطس 2012
,....السياسة والاخلاق او حينما يلتقي المقدس بالمدنس
هم يقولون إن السياسة لا أخلاق فيها، ولاقت هذه المقولة ترحيبا كبيرا من عدد من هواة السياسة وصبيانها، حتى عمم بعضهم هذه المقولة على نفسه، فخلط بين السياسة التى لا أخلاق فيها وبين أفعاله وممارساته هو، فبرر لنفسه وللناس سوء أخلاقه مقدما، فالسياسة التى يعرفونها كعلم وكممارسة تدور حيث دارت المصلحة، وتكون حيث كانت الفائدة، بصرف النظر عن الطريقة، ذلك أن الغاية عندهم تبرر الوسيلة، وعلى قول ماركس انما الأحلاق قيد لا معنى له وتبعا لهذه الفلسفة تحلل بعض هواة السياسة وصبيانها من الأخلاق، وتخلى بعضهم عن بعض الذوق والأدب، وتخلى طواعية عن بعض الاحترام، وقلنا لا بأس فى سبيل المصلحة التى يتغنون بها، ولكنهم تحللوا أيضا من السعى لتحقيق المصلحة، فلا هم ظلوا على أخلاقهم قبل ممارسة السياسة، ولا هم حققوا مصلحة البلد التى تحللوا من الأخلاق بسببها، فظلوا يدورون بلا أخلاق فى حلقة مصلحتهم الشخصية، ولا عيب عندهم فى ذلك، فالكذب والتدليس والنفاق والرياء والمناورة والغش كلها مباحات فى ممارسة السياسة لدى البعض من هواتها، واسألوهم عما كانوا يقولون فى العهد الغابر.
كيف بهؤلاء حينما ينتقدون، وحينما يعترضون، وحينما يتلاعبون بالألفاظ، وحينما يتقعّرون فى الكلام، وحينما يظنون أنهم العلماء، وأن كلامهم هو الكلام، وتحذيراتهم هى الصواب، وحينما يريدون أن يوهموا الناس أنهم على الحق، والله إنى لأحترم أحدهم حينما يكون موضوعيا فى نقده، صادقا فى تعبيراته، مهما كان كلامه قاسيا، أما إذا كال بمكيالين، أو ازدوجت لديه المعايير فإنه يسقط من نظرى.. "كجلمود صخرٍ حطَّه السيلُ من عَلِ".
وإن تعجب فعجب قولهم "لا دين فى السياسة"، وقولهم "السياسة بلا أخلاق"، ونحن نريد أن نعرف ما محتوى هذه السياسة التى لا دين فيها ولا أخلاق، وما طبيعة الممارسات السياسية التى ستنطلق من سياسة لا دين فيها ولا خلق، وكيف نصدق هؤلاء أو نثق فى كلامهم، وهم أنفسهم تجنبوا بأنفسهم الدين والأخلاق، فماذا إذن عن ممارسة السياسة فى رمضان؟ ورمضان نفحة من نفحات الله، يعود فيه الناس إلى ما تفلت منهم، ويتمسكون بالأخلاق التى لم يتمكنوا من التشبث بها فى غيره، ألا يختلف الوضع فى السياسة قليلا؟ ألا يقل الكذب والزيف والاتهام بالباطل قليلا، ألا يتنفسون الصدق والحق قليلا، ألا يراجعون أنفسهم قليلا؟ أم سيظل بعض الذين يجتزءون فهما مغلوطا للسياسة يقومون بممارسات لا دين فيها ولا أخلاق فى شهر الدين والأخلاق؟
الى هؤلاء أقول: هذا هو الجو الذى تعملون فيه، وهؤلاء هم القوم الذين تتعاملون معهم، وهذه هى البيئة من الداخل، فإذا أضفنا إلى ذلك الفساد والإفساد الذى تمخضت عنه الفترة الغابرة، حينما كانت السياسة لا تقتصر على أنها لا دين فيها ولا أخلاق فحسب، بل كانت أيضا لا فهم لها ولا عقل فيها ولا ضمير عندها، فأنتم الآن داخل هذا الركام المقاوم لأى إصلاح، وأنت أمام هذا الفكر الناقد لأى عمل، وأنتم تواجهون هذه الفلسفات المعوجة التى تشوه كل جميل، وتفسد كل صالح، ومع ذلك كله نطلب منكم أن تمهدوا التربة، وتبذروا البذرة، وترووها بماء الحياة، وتتعهدوها حتى تنمو، وأن ترضوا كل فرد منا، كما نطلب منكم ألّا تتعبوا، ولا تمرضوا، ولا تشكوا، ولا تكِلوا، ولا تملوا. أرأيتم حالنا وحالكم؟ أنتم تدفعون ونحن نقاوم، ثم نلومكم أنكم لا تستطيعون أن تدفعوا شعبا .
ومع ذلك كله، وفى وسط هذا الجو الملبد بغيوم بغيضة، الملىء بخيالات مريضة، أطلب منكم أن تجعلوهم يرون كيف أن السياسة فيها أخلاق، وأن يشعروا بأخلاق الساسة حينما ينكرون ذواتهم، بل يلمسوا صدق السياسى المحنك، الذى يلوى عنق السياسة نحو فكره وتوجهه، ويطوّع ممارساتها وفق دينه وضميره، ولا تستطيع السياسة بكل قوتها أن تغريه بـ"لا أخلاقها" فإنها سيئة شأن "المرأة الحسناء فى المنبت السوء"، وأن جبروت ممارسيها وافتراءهم لن يستطيع أن يجذبه نحو شىء ولو يسير من تحللهم من الأخلاق.
نحن نثق أن قدرات الإنسان هبة من الله عظيمة، والقوى داخله يمكنها أن تدمر كل فساد بأمر ربها، إن هو أراد.. وسعى.. وتوكل، وإن أعظم ما اكتشفته البشرية فى عصرنا الحاضر هو أن يستطيع الإنسان أن يغير ذهنه وفكره من الداخل فيغير ممارساته ويغير دنياه من الخارج، لأجل ذلك كم أنا متفائل، وكم أحب التفاؤل والمتفائلين، ولذلك أنا أثق أنكم سترينهم –هم وساسة العالم– كيف تكون ممارسات السياسى حين يصدق، وأنكم ستُسمعهم منطق السياسى حين يتكلم، وكيف يكون كلامه عملا.. وفكره أملا.. وثقته كبيرة فى ربه وفى وعده وفى دينه، ثم فى نفسه وفى نجاحه وفى يقينه.
أعرف أنكم ستأخذون بأسباب النجاح كلها ثم تتوكلوا على الله، فالساسة لا يعرفون ماذا يعنى التوكل فى السياسة، فهو معنى دخيل على ذلك العالم؛ لأن أساتذتهم فى الغرب لم يشرحوه لهم، وذلك لسبب بسيط وهو أنهم لا يعرفونه أصلا، وقد حان الوقت الذى تعلموهم فيه كيف يكون العمل والتوكل هو أصل النجاح السياسى.
أعرف أنكم ستتعبدوا الله بممارسة السياسة، فالسياسة تكون عبادة حينما تقوم ممارستها على الانتفاع.. والنفع.. والقرب، شأنها شأن أى عمل يقوم به المسلم، فيكون الانتفاع على المستوى الشخصى ليتمشى مع فطرة الإنسان الذى يحب الخير لنفسه، ويكون النفع للناس الذين جابكم قدركم لتكونوا خداما لهم، ويكون القرب من الله سبحانه ليكتمل التعبد، بهذه الثلاثة تكون السياسة عبادة، ولكنكم إذا سألتم هواة السياسة وعبيدها المخلصين، فإنهم سيتندّرون على التعبد بالسياسة، ذلك أنهم لا يعلمون، ففَرْق كبير بين التعبد بأى عمل وعبادة العمل، والفرق نفسه بين المتعبدين بالسياسة وعباد السياسة، وبين أسياد السياسة وعبيد السياسة، وستكونوا أنتم بإذن الله أسيادها، نحسبكم كذلك، ولا نزكى أحدا على الله سبحانه.
محمد المولهي
نقابي وناشط سياسي
الاثنين، 23 يوليو 2012
تجربة العدالة الثورية -الجزء الثاني-:::
تجربة العدالة الثورية....
في التاريخ البعيد كانت الثورات والاضطرابات والصراعات تتسم بالدموية فالغالب والمنتصر كان يفعل ما يريد بالمهزوم بلا أي ضوابط ، فلو استثنينا تجربة النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال لمن نصبوا له المكائد وحاولوا قتله وحاصروه وجوعوه وعذبوا اصحابه وقتلوهم ، قال لهم لما فتح مكة منتصرا " اذهبوا فانتم الطلقاء " واكتفى بالقول لمن قتل " حمزة بن عبد المطلب " ولّى وجهك عني "، ولم ينصب لهم المشانق ولم يحاسبهم على ما سبق ، ولكن ذلك تصرف نبوة ظل شاذا قياسا للصراعات الأخرى في تاريخ البشرية وخاصة في التغيرات الكبرى كالثورات ، فتليها دائما تصفيات واعمال قتل عشوائي لكل الخصوم بقطع النظر عن البحث عن الدور الذي كان يلعبه كل مشتبه ، فلا يختلف الحاكم الجديد في ممارسة القتل والتعذيب عن الحاكم الذي سبقه ، فيسقط ملايين القتلي ولا مسؤولية لأحد .
حدث في الثورة البلشفية في روسيا ، كما حدث في الثورة الفرنسية ام الثورات الحديثة المبشرة بالحرية والديمقراطية ، فقد تلاها قطع رؤوس الاقطاعيين ورجال الدين وسالت دماء بلا حدود ،
وفي منطقتنا العربية ، في مصر عبد الناصر وكل الأنظمة القومية الثورية (ليبيا والعراق وسوريا ,غيرها ) صدرت احكام بالقتل ونفذ القتل بلا احكام احيانا لمجرد شبهة مناصرة الآنظمة المهزومة ، ولم يختلف الوضع في ايران الامام الخميني رحمه الله ، فكانت تنصب المشانق لكل الذين كانوا جزءا من نظام الشاه بقطع النظر عن مدى حيز المسؤولية بالضبط التى كان هذا او ذاك يضطلع بها
فالى حدود اواخر السبعينات ومع نجاح الثورة الايرانية ، كانت الثورة تعني تصفية كل من ثار الشعب ضدهم من مسؤولين ، دون عناء البحث عن مدى تحقيق العدالة في حق هؤلاء ، ودون الالتفات كثيرا الى مدى مسؤولية كل فرد عما ارتكب من فعل شخصي وانما يحمل كل واحد مسؤولية جماعية عن الانتهاكات والفضائع في نظام سابق كان جزءا منه دون بحث عن الجرم المنسوب له شخصيا ،
كل هاته الفترات لم تنضج معها افكار حقوق الانسان ولم تولد مفاهيم ما يعرف بالعدالة الانتقالية بآلياتها النمطية والتى اصبحت تشكل استراتيجيا عالمية ومطامح شعبية كبرى للتعامل مع ارث انتهاكات الماضي ، ولكن لم يمت هذا النوع من العدالة في وقتنا الحاضر ، فقد وقعت عدة تصفيات وانتهاكات خلال الثورة الليبية ، كما نجد اليوم في مصر من يدعو الى العدالة الثورية خاصة بعد فشل القضاء في ادانة المتسببين في الانتهاكات بتبرئة نجلي مبارك ، بل وصل الأمر باحد نواب مجلس الشعب مصطفي النجار – عن حزب العدل - تقديم مشروع قانون للمجلس سماه" مشروع قانون العدالة الثورية " لا يختلف في مضمونه عما كان يحدث في تجارب العدالة الثورية التى سبقت الاشارة اليها .
ايجابياتها
فما يميز هذا النوع من العدالة "الثورية " ، هو سرعة التعامل مع ارث الماضي وهو امر ينشده المظلومون والمتضررون من الانتهاكات السابقة ، فلا يكادون يجدون مجالا للصبر ، فهم يظلون ينتظرون طيلة عمرهم النضالي مثل تلك اللحظة التى يحصلون فيها على حقوقهم ، فتشفى صدورهم وهو ما يساهم في اشاعة الطمانينة لدى الناس ، ويؤدي الى تحسن وانفراج ويساعد على الاستقرار والرضى العام ، بعدم افلات المجرمين من العقاب ،
فبمجرد صدور حكم مما يسمى بالمحاكم الثورية باعدام شخص واحد ثبت تورطه في جريمة قتل فانه يشفي غليل عائلة الضحية وعوائل كل الضحايا والناس عموما ويشعرهم بالعدالة فينتظرونها ويأملون بها كثيرا ، كما يؤدي الى انهاء كلي لفلول الثورة المضادة ، كما نجحت تلك التجارب الى حد ما في تحسن الوضع الاجتماعي للفئات الضعيفة ووجود طبقات وسطى واسعة العدد وتقلص ظاهرة الفقر والخصاصة عموما وشهدت تدخلا قويا للدولة للحد من البطالة وتاميم المنشئات الكبرى .
سلبياتها :
ولكن كثيرا ما تنزلق العدالة الثورية الى ظلم وانتهاكات "ثورية" ، فنظرا لسرعة عملها واستثنائية المحاكم التى تنشأ للنظر في انتهاكات الماضى وطبيعة تركيبتها الموالية للثوار ، فتجدها اقرب الى التركيز على الانتقام من سلوكيات الحكام والمسؤولين السابقين ، فبولائها للمنتصرين فانها قد تاتي على المذنب وعلى البرىء وقد تأتي على المذنب باكثر مما اذنب فتضمحل اهم مبادىء المسؤولية الجنائية وهي شخصية الجريمة وشخصية العقوبة ، ويعاقب الفرد طبق مسؤولية جماعية للنظام الذي كان ينتمي اليه وقد لا تكون له احيانا اية مسؤولية شخصية مباشرة عن الانتهاكات الكبرى ، فمجرد الانتماء للمنظومة القديمة يضع في جانبه قرينة ادانة بدل قرينة البراءة التى يتمتع بها كل الناس في الأوضاع العادية ،
بل وقد تنزلق تلك العدالة الثورية الى رفاق الأمس انفسهم فتصح مقولة ان الثورة تأكل ابناءها ، فيصبح كل مخالف للراي هدفا ايضا للمحاكم الثورية ، حدث في مصر عبد الناصر وايران الامام الخميني رحمه الله وفي كل العدالات الثورية تقريبا ، وفي كل الأحوال فان هاته التجارب خاصة في التغيير بالانقلابات قد تفرز رجوعا الى الانتهاكات وبطرق مختلفة واحيانا بطريقة اشرس واشد من الانتهاكات السابقة ، (مصر عبد الناصر والسادات ومبارك ) ، وليبيا القذافي وسوريا الأسد ، فكلها ظهرت مبشرة بمبادىء الحرية والعدالة ومقاومة الفقر والظلم وتحولت الى دكتاتوريات مقيتة ، وتصل في نهاياتها الى افقار الشعب باكمله وطغيان فئة او طبقة حاكمة ضيقة العدد مستبدة سياسيا وتستأثر بكل خيرات البلد اقتصاديا .
ومن ثمة كان البحث عن طريقة افضل واكثر عدلا للتعامل مع ارث انتهاكات الماضي للسلط المستبدة فظهرت مفاهيم ما اصبح يعرف بالعدالة الانتقالية وهي موضوع الجزء الثالث من هذا المقال
الاثنين، 16 يوليو 2012
عن اي عدالة انتقالية تتحدثون ....
لئن كانت العدالة بمفهومها المطلق الذي يتجاوز فكرة العدل صفة الاهية بامتياز ، فان تحقيقها في الحياة وبين البشر يظل المطمح الأول لكل انسان ،وهي مقياس استقرار الشعوب ونموها وتقدمها وازدهارها وامنها ومناعتها ، وهي مطمح كل الثورات والتغييرات الكبرى عبر تاريخ البشرية الطويل ،
الم يقل رسول قيصر ملك الروم لما وجد عمر ابن الخطاب ، امير المؤمنين لدولة ممتدة جدا جغرافيا وبشريا ، نائما في مكان قصى بلا حراس "رجل لا يقر للملوك قرار من هيبته يكون هذا حاله، ولكنك ياعمر عدلت فأمنت فنمت. و ملكنا يجور فلا عجب إذا سهر خائفا"
الم يكن اول ما سأل عنه وينستون تشيرشل رئيس الوزراء البريطاني ، هي العدالة في بلده الذي يتعرض للغزو ، فلما تأكد انها بخير قال " دعوني انام " فلا خوف على انقلترا ،
فالعدالة هي الغاية النبيلة والمبتغى الأزلي الذي تنشده كل ثورة ،
وتتباين اليات وطرق محاولات تحقيقها عبر التجارب في الدول المختلفة التى شهدت ثورات او تغييرات كبرى في سياساتها ، فانتقلت البشرية من الانتقام العشوائي للمنتصر من المنهزم في الحروب والغزوات الى ما عرف بالعدالة الثورية وهي تنصيب محاكم خاصة واستثنائية بطرق عمل استثنائية لتصفية الحكام القدامي ومعاونيهم ، وصولا الى العدالة الانتقالية التى اعتبرت الآلية الأفضل للتعامل مع ارث انتهاكات الماضي السياسية والاجتماعية في الدول التى شهدت انتقالا من الاستبداد الى الديمقراطية ، فهل نحتاج في تونس الى عدالة ثورية ، ام عدالة انتقالية ، ام الى نوع خاص من انواع العدالة قد يمزج بين الاثنين ، ام هل تضيع العدالة عندنا بين تلك التصورات والمراجعات ، ونكتفى بما يمكن ان نسميه بالعدالة الالهية ، خاصة بعد مرور اكثر من عام ونصف من اعلان وقرار الشعب التونسي بالقطع الكلي مع الماضي اثر اندلاع ثورة شعبية عارمة وما زال ملف العدالة لعوائل الشهداء والجرحى وضحايا الاستبداد سياسيا واجتماعيا يراوح مكانه تقريبا ،
ولئن صبر المظلومون طويلا في تونس –لعشرات السنين احيانا – في ظل الدكتاتورية فان مجالات الصبر تتقلص وتضيق كثيرا بعد الثورة وتزيد حاجة المظلوم وضحايا الانتهاكات الكبرى الحاحا لمعرفة الحقيقة كاملة والوصول الى الجاني وتسليط العقاب المناسب عليه ، وليس اقل من ذلك تحقيقا للعدالة واشفاء لغليل الضحايا ، فضلا عن الاعتراف لهم بالسبق في مقاومة الاستبداد وبما تعرضوا له من تنكيل وتحمل المسؤولية الجماعية لما حدث لهم وضمان عدم العود للانتهاكات و عدالة مستقبلية دائمة في ظل صراع مختلف على السلطة لا يقوم على نفي الآخر وابعاده قهرا ولكن على الديمقراطية كاداة سلمية للتداول على السلطة ، وعلى احترام حقوق الانسان كقيم ثابتة لا تتغير ، كما لا يقوم على اساس جهوى مقيت ينفى جزءا كبيرا من خارطة الوطن بما تحتوية من اضافة اقتصادية وبشرية وثقافية .
فكيف حاولت الأمم الثائرة تحقيق العدالة ، وما هي طرق تعاملها مع مستبدي الماضي ومخلفاتهم ومع الضحايا وما هي الطريقة المثلى التى يجب اتباعها في التجربة التونسية الباحثة عن العدالة ؟
عمر الرواني ، محامي وناشط سياسي