السبت، 1 سبتمبر 2012

السامري.....







السامري .....

أسهب القرآن الكريم فى ذكر قصص كثيرة لبنى إسرائيل مع أخيهم يوسف الصديق عليه السلام، ثم مع موسى وهارون عليهما السلام، وفرعون وهامان وقارون، وصولا إلى عيسى عليه السلام، وختاما بمحمد -صلى الله عليه وسلم- ليأخذ المسلمون منها العبر والعظات.
ولعل من قصص بنى إسرائيل التى يجب علينا التأمل فيها وبخاصة فى هذه الأيام من عمر الثورة التونسية المجيدة، قصة السامرى وعجله ذى البريق الذهبى والخوار العجيب.
وقيل فى اسم السامرى إما أنه صاحب سامر القوم؛ أى أنه من الحواه المهرجين الذين يجيدون الحيل وخداع السذج من الناس -وأميل إلى هذا الرأى- أو منسوب لبلدة تسمى السامرة.

وتبدأ القصة بعد أن رأى بنو إسرائيل انفلاق البحر، تلك المعجزة العظيمة التى نجاهم الله تعالى بها من فرعون الذى كان يسومهم سوء العذاب، وذهب موسى -عليه السلام- إلى ميقات ربه، ليتلقى منه التوراة، وخلّف على قومه أخاه النبى هارون -عليه السلام- فقام السامرى الخبيث بصنع عجل من الذهب الذى قذفه بنو إسرائيل من زينة المصريين التى أخذوها معهم، وصنعه بطريقة تجعل الريح تصوت فى فراغه فتحدث صوتا كالخوار. ثم قال حكاية أثر الرسول يبرر بها موقفه، ويرجع الأمر إلى فطنته إلى أثر الرسول؛ حيث تقول بعض الروايات إنه رأى جبريل -عليه السلام- وهو فى صورته التى ينزل بها إلى الأرض؛ فقبض قبضة من تحت حافر فرسه، فألقاها على عجل الذهب، فكان له هذا الخوار، فقال لهم هذا الخبيث: هذا إلهُكم، موسى ضيّعه فذهب يبحث عنه، فعبدوا بأغلبهم هذا العجل إلا قليلاً منهم، ولم يستجيبوا لنصائح هارون -عليه السلام- فلما عاد موسى -عليه السلام- غضِب غضبا شديدا لدرجة أنه ألقى من يده ألواح التوراة وأخذ برأس أخيه ولحيته، وأقبل على بنى إسرائيل فعنَّفهم ووبخهم، وبعد التحقيق مع السامرى أعلن طرده من جماعة بنى إسرائيل مدة حياته فلا يقربه أحد ولا يقرب أحدا، بخلاف عقوبته عند الله فى الآخرة، ثم قام بحرق العجل وذر رماده فى البحر.

أما العبرة من القصة فهى كما يقول صاحب تفسير الظلال الشهيد سيد قطب -رحمه الله والذى شُنِق ظلما فى الستينيات وما أدراك ما الستينيات- عن بنى إسرائيل إن الاستعباد الطويل والذل الطويل فى ظل الفرعونية الوثنية كان قد أفسد طبيعة القوم وأضعف استعدادهم لاحتمال التكاليف والصبر عليها، والوفاء بالعهد والثبات عليه؛ وترك فى كيانهم النفسى خلخلة واستعدادا للانقياد والتقليد ألمريح فما يكاد موسى يتركهم فى رعاية هارون ويبعد عنهم قليلا حتى تتخلخل عقيدتهم كلها وتنهار أمام أول اختيار. ولم يكن بد من اختبارات متوالية وابتلاءات متكررة لإعادة بنائهم النفسى. وكان أول ابتلاء هو ابتلاؤهم بالعجل الذى صنعه لهم السامرى.

ولكن تُرى من هو السامرى ألجديد ومن هم أتباعه؟! الإجابة معلومة في ضل تواتر الأحداث في مسار الثورة وظهور السحرة والكهنة وكبيرهم السامري صاحب نظرية الكوع بوع.





محمد المولهي نقابي وناشط سياسي












ليست هناك تعليقات: