الخميس، 31 مايو 2012

دقت ساعة الزحف على طوابير الفساد...



ها قد دقت ساعة الزحف على طوابير الفساد....

خبر عاجل بعد القضاء... الحكومة تقيل 63 موضفا في الديوانة ثبت تورطهم في ملفات فساد...

الفرق واضح بل يمكن القول انه شاسع مثل الفرق بين طرفي الزاوية ألمنفرجة ..بين ساحة القصبة حاضنة الاعتصام الأول والثاني في مسار انجاز مطالب الثورة والتصدي لمشروع الثورة المضادة التي قادها الغنوشي। وبين الدهاليز السياسية التي تفوح منها رائحة طبخة اسقاط الحكومة التي انطلقت في مشروع التطهير وإسقاط رموز الفساد المالي والإداري المتمترسين اليوم في مواقع صنع القرار والمتوثبون لإعادة المسار الى الوراء يقود قاطرة الردة فيه جرحى الانتخابات وبقيا نظام الاستبداد , ففي تلك الايام كانت القلوب متحدة والنفوس معبأة بالروح ألثورية التي تمنع دون ترتيب قيام الثورة ألمضادة كانت الوحدة الوطنية متجلية بكل معانيها، سلوكا لا قولا، عملا لا شعارا، منصة واحدة تستوعب اتساع الساحة لكل الافكار والاديولوجيات وحدتها يومها شعارات الثورة بإسقاط النظام ...حل التجمع ...و قيام مجلس تأسيسي... وتطهير البلاد من الفساد ، نقابيون ..سياسيون اسلاميون وبجانبهم يساريون وقوميون ..اختلفت المشارب والتوجهات وتعددت، لكن الروح واحدة، والمضمون واحد، تستطيع أن تتجول بينها فلا يمكنك التمييز، لأن ما تسمعه هنا، هو ما تسمعه هناك، اختلفت الألفاظ لكن المضمون واحد، توحد الجمع على اختلاف التوجهات والأيديولوجيات على هدف واحد " الشعب يريد ..
لكن في انطلاق مطلب التطهير الذي هو استحقاق ثوري اختلف الأمر، وتعالت الأصوات هنا وهناك وتنكرت قوى لمطلب الشعب الذي توحد عليه في القصبة و تباينت الأيديولوجيات، والرؤى، والمطالب، والأهداف، فكان المشهد خليطا من الناس لم يجمعهم سوى مكان واحد ساحة القصبة، وفقدت روح الوحدة، حتى صرت تستشعر أن هؤلاء ليسوا اولئك الدين كانوا معتصمين في ساحة القصبة ..
ودخل في اللعبة أطراف لم تكن ترى من هذا العمل سوى أنه إما جريمة كبرى في حق الثورة ، وإما هو لعبة كبيرة تودي بأصحابها إلى الهلاك المحقق لا محالة، والكل الآن يدعى وصلا بليلى، ولكن ليلى لا تقر لهم بذاك..
الضغط الشعبي مطلوب لتحقيق مطالب الثورة، فما زال الكثير منها لم يدخل حيز التحقيق، لكن لابد من صحوة ضمير تزيل النفاق وتغليب المصالح الشخصية على المصالح العليا للوطن، وإلا فالتطهير يجب أن يطال هؤلاء أولا
محمد المولهي
نقابي وناشط سياسي

طهر يا لمطهر... او السيد الوزير و قرار التطهير....




السيد الوزير ...وقرار التطهير..

قرار السيد وزير العدل نور الدين البحيري باعفاء 82 قاضيا من مهامهم هو القرار الأكثر جرأة وشجاعة وثورية على الاطلاق منذ هروب الرئيس بن علي ، بعد جرأة السيد فرحات الراحجي من قبله في اتخاذ قرار تنحية عدد كبير من كبار ضباط الشرطة ، وهو ايضا القرار الأهم منذ تأسيس دولة ما بعد الاستعمار الفرنسي المباشر في تونس والى حد اليوم فلم تشهد بلادنا في تاريخها القريب وحتى البعيد _لو شاطرني في ذلك المؤرخون_ اعفاء لهذا العدد الهائل من القضاة من مناصبهم صبرة واحدة بقرار وزاري على خلفية ملفات فساد محفوظة بالوزارة وبعد تحقيقات وابحاث مطولة ،
وقد علل السيد الوزير قرار الاعفاء بانه " بعد ان ثبت بما لا يدع مجالا للشك وبعد ابحاث مستفيضة ان هناك من تمادى وللاسف الشديد في الخطأ وتجاهلوا ما وهبتهم لهم الثورة من فرصة لمراجعة انفسهم اضحى من الضروري انهاء هذا الوضع الشاذ ووضع حد لكل ما يمكن ان يمس من شرف القضاء وهيبته ونزاهته ويضع مصداقية القضاة ومؤسسات الدولة بصفة عامة موضع شك وريبة ،
وان القرار ياتي انطلاقا من حرصها على مواصلة تحقيق برنامج اصلاح المنظومة القضائية العميق والشامل والمتعدد الابعاد مؤكدة أن اعلاء مكانة السلطة القضائية وتحقيق استقلاليتها واسترجاع ثقة العامة فيها يحتاج الى وضع حد لاثار وافرازات نظام الاستبداد والفساد وذلك برد الاعتبار للقضاة الشرفاء الذين عانوا من الظلم والاقصاء والتهميش ومساءلة المشتبه فى ارتكابهم لتجاوزات أخلت بحسن سير المرفق وشرف القضاء ومست من اعتباره ومكانته...
.واضاف السيد الفاضل السايحي _ديوان وزير العدل _ بان بقاء هؤلاء القضاة في مهامهم لحد الآن اساءة للقضاء ومس من هيبته ، وان الشعب لا يمكنه ان ينتظر اكثر في ميدان حيوى كالقضاء الذي كان من المفروض الا تتاخر القرارات بشانه لحد الآن لما له من دور مستقبلي سواء فيما تعلق بملفات الفساد العالقة او ببناء دولة القانون المرتقبة ،
ولئن انشرح لهذا القرار صدر الشعب باكمله الذي شعر انه ايذان ببدء تحقيق اهداف الثورة ، ومؤشر لاعادة الثقة لهذا القطاع وتهيئته ليصير سلطة حقيقية في البلاد ، وانشرح ايضا صدر السادة القضاة عموما والذين طالما نادوا بتطهير القضاء واعدوا قوائم للغرض من زملائهم الفاسدين ومنهم من ساهم في طردهم من قاعات الجلسات في الايام الأولى للثورة ومنهم من ساهم برفع العرائض لوزير العدل ضدهم بامضاءات جماعية للمطالبة باعفاء هذا القاضي او ذاك ، وانشرح ايضا صدر المحامين الذين طالما كانوا شهودا على فساد هؤلاء واكتوت به نار موكليهم ، وانشرح عموما كل من له صلة بالعدالة من قريب او من بعيد ، وخاصة المتقاضون الذين نزل عليهم الخبر بردا وسلاما الى الحد الذي جعل البعض منهم يتهور في التوجه الى منازل القضاة المعفيين ويتهجم عليهم ،_منزل وكيل جمهورية سليانة _ ،
وانشرح ايضا صدر كل مناضل ينادي بتطهير القضاء ، خاصة بعد تداول اسماء القضاة المخلوعين في قائمة اولية قد تليها قوائم اخرى وما اتضح من خلالها من ان شبهات كثيرة تحوم حول هؤلاء وهي محل اجماع العام والخاص ، واكثرهم ان لم يكن جلهم مشمولون بالقائمة التى اعدتها جمعية القضاة التونسيين ، الا ان هذا الاعفاء المؤذن ببدء المحاسبة لا في ميدان القضاء فقط ، وان كان له شرف السبق ، ولكن في كل القطاعات الأخري ،
اذ لم يرق لعدة جهات وعلى راسها نقابة القضاة التى تأسست بعد الثورة من قضاة محسوبون في اغلبهم على التبعية للنظام البائد ومن مؤسسيها من كان ساهم في الانقلاب على جمعية القضاة عام 2005 بايعاز من السلطة ، وهي التى تاسست اصلا كردة فعل على بروز جمعية القضاة ومناداتها بالمحاسبة في سلك القضاء ، فكانت بمثابة جمعية للدفاع الاستباقي عن النفس اكثر منها جمعية للدفاع عن كل القضاة ، فقررت النقابة بالامس الاضراب المفتوح عن العمل ، استبشر به المعفيون كثيرا لكن لا اعتقد انهم استبشروا بطلب النقابة احالة ملفاتهم على القضاء ،
ولا ندرى لحد الآن مدى الاستجابة لهذا الاضراب والى أي حد سيتواصل ،
خاصة وان الهيكل الآخر الأكثر تمثيلية للقضاة "جمعية القضاة التونسيين " التى بدت في الاول مترددة في قبول القرار متعلله بغموض الطريقة التى اخذ بها وبعدم ترك الأمر للقضاة ومحملة المجلس التأسيسي المسؤولية عنة لتباطئه في تكوين الهيئة الوقتية المشرفة على اصلاح القضاء المنصوص عليها بالقانون المنظم للسلط العمومية ،
و ربما كان ذلك الموقف من الجمعية تحت تاثير العاطفة فقط وعملا بمبدا النصرة للزمالة "انصر زميلك القاضي ظالما او مظلوما " ،
الا انها تداركت الموقف وشعرت بمدى التناقض الذي سيهزّ موقفها لو دخلت المواجهة بعنف في جانب القضاة المفصولين ، وهي التى ناضلت لسنين طويلة من اجل هذا المطلب فكان سبب بطولتها وصمودها في وجه الدكتاتورية من جهة ، ومقياس مصداقيتها عندما تمسكت به بعد الثورة بشراسة وطالبت بالاسراع به وصل حد تصريح رئيسها آنذاك على الهواء مباشرة " انه اتصل مرة بوزير للعدل او مسؤول في وزارة العدل فاخبره ان المعلومات التى لديهم تشير الى ان 80 بالمائة من القضاة في حاجة الى تاهيل "
فلن يكون معقولا ان تتجند الجمعية ضد قرار الاعفاء وهي التى رفعت شعار تطهير القضاء بعد الثورة وصل حد بيانات نارية ووقفات احتجاجية في عهد حكومة الغنوشي والسبسي ،
ولربما تميز موقف الرئيسة الحالية للجمعية بغموض وتحفظ كبيرين حول القرار في الأول يفهم منه الميل الى مساندة الاضراب ، وذلك لما اشارت الى ان الجمعية "ليست ضد مبدا الاضراب"
ولكن لاحظنا تراجعا واستدراكا سريعا وصل حد اصدار بيان تصرح فيه الجمعية انها لم تدع اليوم الى أي اضراب مثلما قد يتبادر الى الذهن ، بما يوحي بان الجمعية وانصارها من السادة القضاة مرتاحون لهذا القرار في قرارة انفسهم ولكن بمزيد من التحفظ ، اعتقادا منهم بان ذلك قد يساعد على تثبيت هيبة القضاء
بعض كتبة المحاكم مستاؤون ايضا من قرار السيد الوزير وقد صادف ذلك اضرابهم اليوم عن العمل بدورهم لتحسين اوضاعهم المالية ربما شعورا منهم بضعف مردوديتهم الانتاجية بعد الثورة خارج الاجرة التى يتقاضونها من وزارة العدل بعض المحامين مستاؤون ايضا لهذا القرار ، لعل الاسباب تظل مجهولة لدينا ، ولكن ثمة مؤشرات خطيرة تدل على تورط هؤلاء في دعم منظومة الفساد عموما فمنذ مدة غير بعيدة اقدم بعض الزملاء على امضاءات مساندة وشهادات زور بنضافة وكيل جمهورية سابق ، واستعدادا للشهادة بذلك امام تفقدية وزارة العدل باعتباره مثالا لهم في الاستقامة وحسن السلوك ، وفوجئنا الآن بان اسمه ضمن قائمة المعفيين ، (تجدون رفقة هذا المقال صورة لامضاءات هؤلاء ونص ما امضوا عليه ) والحقيقة ان الفساد في الاسرة القضائية فيه عدة شركاء لا يفسد القضاء الا بفسادهم ويجب ان تطالهم اجراءات التطهير، ولعل الحسابات الانتخابية في قطاع المحاماة ، وعدم استكمال تطهير تنقية القضاء بالنسبة للعدول وعدول الاشهاد والخبراء تعقد من مسالة المحاسبة في هاته القطاعات المساعدة للقضاء ، اما عن مدى شرعية قرار الاعفاء ذاته ، فربما استند الى شرعية ثورية واخرى قانونية ،
فأما الثورية فتتمثل في ان احد شعارات الثورة كان تطهير القضاء ولا فائدة في مزيد التذكير بان بعض القضاة هرب من وقفة مساندة للثورة في قاعة الجلسة دعت لها زميلته ومنهم من وقع طردهم من قاعات المحاكم ، وهربوا مذعورين من غضب الثوار ليس فقط خارج ردهات المحاكم او الى ديارهم ولكن الى خارج الوطن _مثل محرز بوقا _ وظلوا مطاردين من قبل جماهير الشعب الغاضبة في حين ان اغلب القضاة (المعروفون بنزاهتهم كالسيدة القارشي وكيل رئيس بالمحكمة الابتدائية بالكاف ) كانوا يسيرون جلساتهم في جو يغيب فيه الأمن بالكامل بعد 14 جانفي بايام قليلة جدا ولم يتعرضوا لأي مضايقة على الاطلاق ،واي اذى ،
واما القانونية فان القانون المؤقت المنظم للسلط العمومية ، لم يلغ ما منحه القانون لوزير العدل من ممارسة السلطة التأديبية واقتراح اعفاء من يجب اعفاءهم من قضاة طالما ان الهيئة المنتظرة التى سيكونها المجلس التاسيسي للاشراف على المنظومة القضائية لم تر النور بعد ،
خاصة وان المعلومات المسربة لحد الآن تؤكد ان عددا من المعفيين تضمنت ملفاتهم اعترافات بالفساد وادلة قاطعة عليه ، ( منهم من اشترى عقارات بمآت آلاف الدنانير وابرم عدة عمليات عقارية في ظرف ايام معدودة وهو لا يملك الا مرتبه ولم يبرر مصدر ثروته )
وقد خير البعض منهم بين الاستقالة لحفظ ماء الوجه وبين الاعفاء فخير الاعفاء ، وانهم _ المعفيون _ ولئن استبشروا كثيرا بقرار الاضراب المفتوح من النقابة المدافعة عنهم فانهم قد يرهقون كثيرا بموقفها الداعي للمحاكمة اولا ، فلربما خيروا : عودة للعمل وعفا الله عما سلف.
لذلك فقد مارس السيد وزير العدل سلطاته القانونية والشرعية طبق قانون 1967 في القرار الذي اتخذه ، وهي سلطات واسعة موروثة عن التوجه اللاتيني الفرنسي الاستعماري والتى طالما سلطها نظام بن على القضاة لترهيبهم وتركيعهم ومعاقبتهم ، وهاهي الآن تخدم منطق الثورة مؤقتا في انتظار الجنوح الى النظام الانقولوسكسوني الذي يعطي استقلالية وقوة اكثر للقضاة في مواجهة السلطة التنفيذية ،
وفي كل الأحوال فان الأمر ما يزال بيد القضاء ، فلا شك ان قرارت الاعفاء فضلا عن المهلة التى اعطاها وزير العدل للمعفيين للتظلم لدى رئيس الحكومة المقررة بثلاثة ايام من تاريخ اعلامهم بالقرار، فهي في النهاية قرارات ادارية تأديبية يمكن الطعن فيها لدى المحكمة الادارية التى يثق التونسيون كثيرا في احكامها التى كانت منصفة وجريئة عموما قبل الثورة ولن تكون الا كذلك بعدها .
ولعل ما يثير القلق بهذا الصدد هو ان هاته القائمة الأولى لم تشمل عددا من القضاة المتوقع ترؤسهم لقوائم الفساد وهم معروفون جيدا كل في الجهة التى يعمل بها ، فلا ندري ان كان ذلك لنقص في الادلة بعد حرص الوزارة على " اللاّ تظلم احدا " ، ام لأولوياتها وحساباتها السياسية كالتركيز مثلا في قائمتها الأولى على القضاة اصحاب الأقدمية لرصد ردة الفعل لدى القضاة اولا ، ولتفادي مواجهة مفتوحة مع كل ممثلي القضاة نقابة وجمعية ، وبداية جولة مع النقابة ذات المصداقية المحدودة لدى غالبية القضاة وخاصة الشباب منهم وبعض الاجيال التى سبقت ، ولكن ما يطمئننا ويؤرق قلة قليلة من القضاة ( بضع عشرات من بين آلاف ) وبعض مساعدو القضاء من محامين وكتبة محاكم وخبراء وعدول اشهاد وغيرهم من متقاضي السوء هو اعتبار هاته القائمة اولية أي ثمة قائمة او قائمات اخرى في الأفق ،
اما ما يزعج حقيقة هو ما قد يلوح من تتردد الوزارة في تنفيذ قرارها او التراجع فيه كليا او حتى جزئيا ، فقط تحت تاثير ضغط النقابة وبدون مبررات جدية ، فسيكون لذلك اثر كارثي على مصداقية الوزارة وعلى مصداقية حكومة الثورة برمتها وعلى مستقبل البلد عموما ، وايذان بانهيار المشروع الوطني برمته ،
ويأمل التونسيون الا تتراجع وزارة العدل عن هذا القرار تحت أي ظرف كان وان ينسج باقي الوزراء على منوال السيد نور الدين البحيري لنتحدث بعد ذلك عن ان الثورة حققت اهدافها في التخلص من رموز الفساد في كل القطاعات . وان مدى فشل أي ثورة او نجاحها يبقى دوما في مدى انتصارها على مواقع الفساد والفاسدين والا فانها الردة المدمرة التى قد تؤدي الى حرب أهلية طاحنة .

الأستاذ عمر الرواني



محامي و ناشط سياسي

الثلاثاء، 29 مايو 2012

من يركب حصان طروادة...



من يركب حصان طروادة...

تدكرني الاحداث التي يعيش التونسيون على وقعها اليوم وهم ينضرون الى السلفيين باستغراب و حيرة وخوف و كانهم كائنات قمرية بفرق الملتحين بالجيش الجزائري التي كونت خصصيصا لزرع الفوضى في البلاد فقد كانوا ينتشرون في ارياف و قرى الجزائريقتلون الاطفال و النساء تم ياتون بالطابور الخامس- الاعلام - ليكمل المهمة॥حدث دلك في التسعينات في الجزائر الشقيقة و اخشى ان ما بدا الان يتكشف عندنا في تونس هو سيناريو مشابه جدا..
ان استعمال التيار السلفي اليوم لتحريك الفوضى في البلاد له دلائل خطيرة ومنعرج هام لإجهاض المشروع الانتقالي الذي بدأت بوادر تحققه في مراحله النهائية والإعلان عن رزنامة الاستحقاقات الانتخابية بعد الانتهاء من كتابة الدستور ॥
الكل يعلم ان التيار السلفي واسع الانتشار وغير منظم وليست له مرجعية فكرية محددة ولا قيادة موحدة ولا يعتمد على تنظيم مهيكل وبذلك يسهل اختراقه ...
وبالرجوع الى ما قبل الثورة وبالتحديد السنوات التي كان يعتقد انه تم الاجهاز على الحركة الاسلامية التي قادت المشروع الاسلامي في الثمانينات من القرن الماضي بشيء من الحكمة والتنظيم وبعد أن انتهت المواجهة المباشرة التي امتدت الى أواخر التسعينات انتقل النظام النوفمبري في مخططه الى المرحلة الثانية التي تعتمد على احتياطي من هذا التيار الذي تم اختراقه لاستعماله في تقوية حجته في مقاومة الإرهاب الأصولي لاستعطاف المجتمع الغربي بقيادة أمريكا قائدة مشروع مقاومة الارهاب بعد هجمات11 سبتمبر واستدراج المؤسسات المالية الداعمة للأنظمة الملتزمة بالتصدي لهؤلاء ..
وإذا عدنا للأيام الاولى التي تلت الثورة وخروج هؤلاء مع مكونات المجتمع للتصدي لمشروع الثورة المضادة التي قادها الغنوشي والمبزع للالتفاف على الثورة التحم هؤلاء مع الثوار في القصبة واحد واثنين وهنا رأينا نماذج من مكونات القاعدة الشعبية لهذا التيار وبعض القيادات وتحادثنا معهم وشخصيا وقفت على مدى ضعف هؤلاء سياسيا وحتى دينيا في تفسيرهم السطحي للدين وحتى بعض المسلمات العقائدية ....زد على ذلك ان الاغلبية لم يمارس السياسة قط وكان في مراحله الأولى للالتحاق بالتدين بعد توبته وإدراكه الايمان بعد زلاته المتعددة في مقارعة الخمارات واستهلاك المخدرات أو التورط في جرائم اخلاقية ادت به الى السجون وهذا ليس بالتجني على هؤلاء ولكن لتتوضح الصورة عندنا ليتأكد لدينا ان لاختراق ممكن جدا لهؤلاء ويمكن التحرر تنظيميا والمبادرة الفردية في تقاطع مصالح مع قوى تقود اليوم الثورة المضادة مرة أخرى والسلفيون هم حطب المحرقة بالنسبة اليهم ويسهل استعمالهم في معارك جانبية خاصة بالنسبة للمخلصين منهم الذين يتبنون قناعة مسلمة غير قابلة للنقاش والتأويل تتمثل في محاربة المنكر الضاهر في الخمارات واللباس ودور الدعارة . ...ولكن بالنسبة للقوى الاخرى استعمالها في الاعلام ولدى الاطراف الاجنبية المراقبة للمسار الثوري للإيقاع به ودخوله نفق الارهاب ومحاربة المجتمع ودخول الى منطقة المحذور المحددة ..التكفير واستعمال العنف وحمل السلاح.
هناك فيلق من البوليس السياسي المخترق اصلا للتيار منذ سنوات وخبير به والذي يعمل الآن داخل الجماعة باقتدار والتحق به المطرودون والمتورطون في التعذيب والمتقاعدون الخائفون وهؤلاء لهم دراية كبيرة بتوجيه تحركات الجماعة السلفية وجعلها تحت الطلب كلما دعت الحاجة الى دلك وبمقابل طبعا .
الفئة الثالثة الاخطر التجمعيون التائبون الذين التحقوا لغسل عظامهم من الرجس الذي علق بهم طيلة نصف قرن ولهؤلاء حاجة وحويجة في التحاقهم بهذا التيار الذي يوفر غطاء وحماية من المتابعة والإقصاء وإعادة التمركز والانتشار وهؤلاء جاهزون لقيادة التحركات لخبرتهم الميليشياوية وقدرتهم على التعبئة واليوم يتقاطعون مع التيار في تقويض المشروع والإجهاز عليه لان اكتماله يهدد كيانهم ويعجل بفتح الملفات العالقة في شأنهم .
الفئة الاخيرة هم بالتأكيد التيار اليساري الخاسر في العملية الانتخابية و هم يعتقدون ان الخيار الباقي عندهم لتقويض المسار هو العنف الثوري والتيار السلفي يسهل تعبئته واستعماله في المعارك العنيفة والحرق ونشر الفوضى ويكفي اشتعال خلاف جانبي او بث اشاعة تستفز هؤلاء المتوثبون للنهي عن المنكر والأمر بالمعروف لتكمل الخلايا الثورية المهمة وتصديرها للاعلام المتحكم فيه ليفعل فيها ما يلزم والحوادث الاخيرة شواهد على ما قلته
محمد المولهي


نقابي و ناشط سياسي

الجمعة، 25 مايو 2012

الضباع تعود هدا المساء...




الضباع تعود هدا المساء ....


فى كل الثورات المنتصرة ...هناك ما يسمى بالثورة المضادة و يقوم و يخطط لها عدد من اتباع الحاكم المستبد المخلوع و المستفيدين منه و أعوانه ، و أحيانا قد تنتهز الفرصة و تنجح مثلما حدث فى حالة الثورة الفرنسية فى احدى مراحلها و مثلما حدث فى الثورة المضادة على ثورة مصدق فى ايران و التى نجحت الى حد اعادة شاه ايران مرة أخرى وقتها بالشكل الذي جعل الشاه وقتها يقول لروزفلت " ( ممثل المخابرات الامريكية ) :" إنني مدين بعرشي الى الله ثم الى شعبي ثم اليك " و كان صائبا فى الجزء الأخير فقط ! و في تونس .. شاهدنا كلنا اتباع نظام بن على و هم يشيعون الفوضى بعد هروبه فى الايام التى تلت السقوط لمدة شهر قبل ان تتكشف الحقيقة و يتضح ان بعض من رموز النظام القديم الذين قادوا السلطة كانوا يحاولون قيادة الثورة المضادة لكن اعتصام القصبة واحد واثنين أسقطوا هذه الفلول । كانوا وقتها يستميتون في اقناعنا بأنهم لن يعيدوا بن علي ॥ بل فقط لإستمرار نظام بن علي بشكل آخر اكثر تطورا او عودة بشكل جديد او مختلف و بالطبع لا حاجة للقول هناان السيناريو القادم ليس من قبيل التخيل المطلق ( و ستجدون بأنفسكم ان الأمر اكثر تعقيدا من خيال اي شخص او قدرته على الاختلاق , مهما كان عبقريا ) بل هو اجزاء و شواهد وأحداث ووقائع مؤكدة عايشناها ولا زالت تنكشف لدينا الصورة كاملة بعد بحث مضني فى المؤشرات لنتأكد مما قلناه وحذرنا منه و لا استطيع الجزم بوجوده 100 % ॥ و لكنني شخصيا متيقن انه حقيقي ॥ و لكن وجدت ان افضل ما نفعله للتأكد هو أن نقوم بعرضه عليكم نعم ॥ سأعرض السيناريو تفصيليا و بعدها يكون الحكم لكم : اذا كان هذا ممكن ؟ أو هذا صحيح ؟ او هذا متوقع ؟

* الصورة الكاملة : بعد نجاح الثورة و بدء حصارها لعدد من رموز و قيادات النظام و بقاء جزء منهم ينتظر المحاسبة قرر عدد منهم أن يبادر بالهجوم اتباعا لمبدأ " الهجوم خير وسيلة للدفاع " و اجتمعت الضباع الجريحة على عدة طوائف متفرقة يجمعهم انهم من رجال النظام المطلوب انهاؤه : ضباط فى جهاز البوليس السياسي تحركهم روح الانتقام و الخوف من المحاسبة على عهود تعذيب والتنكيل بالمعارضين وخاصة الإسلاميين, رجال اعمال فاسين معرضون للمطاردة و المحاسبة و المحاكمة ,قيادات كبرى و صغرى فى التجمع المنحل وجدوا أنه يصعب عليهم التلون فى ظل النظام الجديد و فى ظل جيل من الثوار لديه انترنت يوثق كل ما جرى و كل كلمة قالوها سابقا ولن يصدقوا فرية الأحزاب المستنسخة من الأصل والمتوثبة من جديد لاسترداد العرش , قيادات اعلامية ( بعضها ما زال موجودا ) ينتظر اقالة بين ليلة و اخرى على الرغم من تمترسه وتغيير جلده والتدثر برداء الثوري والحداثي والديمقراطي , بعض المسئولين والإداريين من كبار الوظائف الحاليين فى الحكومة و فى مواقع حيوية ما زالوا فى مواقعهم ينتظرون مصيرهم منهم مديرون عامون وكتاب عامون للولايات ومعتمدون في الجهات .... و بعد اجتماعهم , تقررت الخطة لتحقيق عدة أهداف متفاوتة المدى :

الدفاع عن صورتهم بشكل عام و ازالة اتهاماتهم اعلاميا وتجنيد قوى سياسية ونخب متورطة تتحين الفرصة لتصفية حسابات الانتخابات التي لم تكن في صالحهم , هؤلاء ينشطون بكثافة في تحالف معلن أحيانا وآخرى خفي في اطار تقاطع مصالح بين تيارات متناقضة دستورية تجمعية يسارية وانتهازية داخليا وخارجيا والتحركات الأخيرة للباجي قائد السبسي الذي اجتمع مع برلسكوني الرأس العالمي للدوائر العالمية المالية الصهيونية والوليد بن طلال المعروف بنفوذه العالمي والخليجي وزيارة قطر الأخيرة تأتي في هذا السياق كذلك لقائه بالسفير الأمريكي ونتائجها أخيرا على الترقيم السيادي الجديد الذي يهدد الاستثمار ويخوف رؤوس الأموال التي تنوي الاستثمارفي تونس وكذلك من شأنه شغل الرأي العام و الثوار عن محاسبتهم على جرائمهم طوال سنوات فى حق الشعب التونسي وتوفير الغطاء المناسب لزيادة الهوة بين الحكومة وبين ا لمؤيدين لها و ربما اذا نجح المخطط الى نهايته قد ينتهى بعودة النظام الحالى و ليس بالضرورة بن علي ॥ بل قد يكون شخصا ما من بني جنسه الفاسد أو حتى اي وجه جديد يضمن حماية اتباع النظام من المسائلة مستقبلا ويتعهد بأن يراهن عليهم في الخفاء ... و لتحقيق هذه الأهداف بدؤوا التحرك على سبعة محاور محددة و بعناية و خبرة تجمع بين خبرات سابقة كبيرة فى مجال الحشد رأينا نموذجا منها في اجتماع المنستير و خبرات أخرى أمنية و استخباراتية فى مجال الحرب النفسية و فى فنون الدعاية السوداء و غيرها ، هذه المحاور هي : المحور الأول : عفا الله عما سلف ॥ستجد كثيرا جدا من الدعوات تملأ عددا من الصحف و الفيس بوك تحمل هذا المفهوم بحجة ॥ عفا الله عما سلف ॥ لا داعي للمحاسبة .. دعونا نبدأ صفحة جديدة .. فلننس الاحقاد .. لتكن ثورة بيضاء للنهاية .. لنلتفت للمستقبل و لا نشغل انفسنا بالماضي و هذه اول خطوة فى توجيه الرأي العام بعيدا عن فكرة محاسبتهم و فى الأصل : لا تناقض ابدا بين الاعداد للمستقبل و المرحلة الانتقالية و الديمقراطية و بين محاسبة رؤوس الفساد و الاجرام بشكل عادل و كامل .. و هو ما يدل على من يروج لهده الفكرة و من ينشرها و لمصلحة من ؟ و بالطبع ليس كل من يتحدث عن هذه الفكرة هو يعمل فى اطار هذا المخطط و انما قد يكون مقتنع بها أو تأثر بها اعلاميا بحسن نية و شعبنا شعب طيب و متسامح । المحور الثاني : زيادة عدد الاعتصامات الفئوية مع شيء من الفوضى وقطع الطرق وغلق المصانع والدعوة للعصيان المدني ! و استطيع هنا أن اؤكد بشكل جازم ان اكثر من 60 % من الاعتصامات هي بإيعاز من هذا المخطط و ليست احتجاجات طبيعية و بعضها يبدو مستفز جدا و حتى نكون اكثر تحديدا تتسم هده التحركات بالهمجية و الفوضى والعنف مما يتناقض مع اخلاقيات الثورة الحضارية التى شهدناها جميعافي القصبة و شهد لهاالعالم كله ابضا سقف مطالبها مرتفع جدا جدا بشكل تعجيزي فى بعض الاحيان , و فى الاغلب تكون مالية القصد منها تعطيل مصالح المواطنين بشكل متعمد و مضر جدا و أناني جدا بما يثير الرأي العام ضد الحكومة و ضد الثورة عموما. المحور الثالث نشر الفوضى واالعنف الغير مبرر هنا بالطبع القصد واضح وهو ان تصبح الصورة فى النهاية ان الثورة دمرت و أحرقت وأتلفت و انها اشاعت الفوضى وان نظام بن علي والتجمع كان اكثر استقرار من هذا ! و من يدرى قد تجد فى هذا المجال من يظهر و يترحم بشكل مصطنع على بن علي وبالفعل رأينا من يطل علينا في وسائل الأعلام ليتحدث عن انسانية بن علي وعبر الصحف رمزا أن بن علي كان ضحية لأصهاره الطرابلسية ॥ المحور الرابع : تشويه صورة المناضلين و كمثال يظهر ذلك فى حملات التشويه التى طالت المنصف المرزوقي رئيس الجمهورية ومحاولة اهانته من خلال نعته بالمؤقت والساذج والذي يدور في فلك النهضة وفاقد للصلاحيات والتهكم على لباسه وشكله وإدراجه في صورة تحط من مكانته كرئيس منتخب ... وهذا اسلوب نفسي سخرت له وسائل الأعلام المكتوبة والمرأية على السوى وتقودها الفلول بهذه الوسائل التي مازالت تحت سيطرة رؤوس الأموال الفاسدة وتلامذة عبد الوهاب عبد الله الذين لا زالوا يعملون تحت الطلب ...كذلك رئيس الحكومة ورئيس المجلس التأسيسي ورموز المقاومة للاستبداد أمثال سهام بن سدرين الذين نبشوا في ملفات بن علي المفبركة وتعليقاتهم المخابراتية وتقاريرهم التي استقوها من الاستعلامات للتشويه وكذلك السيد علي العريض و الفيديو الفضيحة الذي حاولوا احياء ماضيهم الاسود بطرحه على شبكة الفايس بوك واعادة قضية باب سويقة التي فبركها بن علي والتهجم على العفو التشريعي العام وقضية التعويض للضحايا .... او على الانترنت ॥ فى فيديوهات لها اسماء على غرار ( الحقيقة وراء فلان ) ( كشف المخطط المستخدم من فلان او صفحة كذا ) او فى عدد من التعليقات لا تعرف مصدرها .اذن هذه هي محاور الخطةالمحور الأول : اسقاط الحساب عفا الله عما سلف ! المحور الثاني : زيادة عدد الاعتصامات الفئوية مع شيء من الفوضى المحور الثالث : اثارة التعاطف حول بن علي والتجمع المحور الرابع : تشويه صورة المناضلين والاستنقاص من شأنهم المحور الخامس : ازالة اتهاماتهم اعلاميا المحور السادس : افساد العلاقة بين الأمن وبين الحكومة و بين الثوار المحور السابع : العودة للحكم عبر عباءة جديدة ! ضع هذه المحاور فقط فى بالك فى الايام القادمة و تابع التعليقات على الانترنت او الاعلام و قل لي كم محورا وجدته منفذا بالفعل ؟ اذا وجدتها السبعة ॥ فمعنى هذا ان المخطط صحيح بالفعل لأنه تأكد من هذه القاعدة : لا يوجد ما يسمى بالصدفة أبدا فى عالم السياسة كما قلت و أكرر سأعرض عليكم تفصيليا و بعدها يكون الحكم لكم : اذا كان هذا ممكن ؟ أو صحيح ؟ هل هذا متوقع ؟ و الأهم هل سينجح ؟ هناك حديث نبوي شريف يؤكد ما معناه انه سيأتى زمان قد يكذب فيه الناس احيانا من هو صادق و يصدق فيه الناس من هو كاذب॥ وقد قال البرت اينشتين : الشيء الوحيد الضروري لانتصار الشر فى العالم , هو فقط : ألا يفعل الأخيار اي شيء ! لهذا اذا اقتنعت و تأكدت - مثلى - بصدقية المخطط القذر هذا فتحرك للقيام بدورك , ليس بنشر المقال فقط , بل أيضا الوقوف ضد من تشعر انهم ينفذون هذا المخطط فى كل مكان , بالفكرة و بالحجة و بالنقاش نعم , أتمنى أن تكون أنت من سيحدد هنا عزيزي القاريء ॥ لأنه انت من سيحمى الثورة , و لا تنتظر أحدا غيرك يفعل هذا لأنك انت الثورة و انت من قمت بها , و انت من سيحميها و يدعمها

محمد المولهي

نقابي و ناشط سياسي



الأربعاء، 23 مايو 2012

السيد الفاطق الناطق..




السيد الفاطق الناطق.....


استبشرنا كثيرا بتعيين الحكومة لناطق رسمي باسمها ، وأحسسنا اننا سنشبه الدول الديمقراطية المتقدمة ، وسندخل عصر الشفافية من بابه الواسع ، وأن السيد الناطق سيطلع علينا كل اسبوع بحديث ( تماما كرئيس امريكا) ،
او على الأقل كل نصف شهر ليفيدنا يتصريح حول مستجدات الوضع العام بالبلاد ويبدد الشكوك ويعطى الحقائق كما هي ، ويطمئن الشعب ويملأه عزما للبناء واملا في المستقبل ،
وسمعنا ايضا عن ناطق رسمي آخر باسم رئيس الجمهورية ،
و لم يبق الا المجلس التأسيسي بلا ناطق رسمي لأن كل من فيه ناطقون رسميون ، وان كان له ايضا منسق مع الحكومة برتبة وزير لا نعلم ماذا نسق ،
ولكن لم نر اي من هؤلاء الناطقين ينطق ، فلئن نطق ديلو مرة واحدة تقريبا لما كان " نافحا " بهذا المنصب ، غير مدرك لمشقة جمعه مع وزارة حقوق الانسان والعدالة الانتقالية الأكثر ثقلا في حكومة ما بعد الثورة ، تسمية ومهاما ، فانه صمت بعد ذلك ، فشابه نطقه الأول كلمة عيسى عليه السلام ،
المعذرة لقد تكلم عدة مرات اخرى بعد ذلك ،
لا بوصفه ناطقا رسيما باسم الحكومة ولكن بوصفه ّ"مكذبا رسميا " او قل "مفتيا رسميا " او " مفسرا رسميا " او "مصوبا رسميا " لما زل به لسان هذا الوزير او ذاك العضو بالتأسيسي المحسوب على النهضة ، من لفظ عابر او جملة اعتراضية او حالة عاطفية اوغيرها مما يحدث عادة لمن بدأ يتحسس طريقا سياسيا ملغوما ..
،
حتى اصبحنا نشعر ان السيد ديلو وقع استنزافه بالكامل على كل الواجهات ، وكادت تحرق كل طاقاته الكلامية ومدخراته السياسية ، من سهولة تعامله الصحفي واعتماده لغة يفهمها عموم التونسيين ، الى اعطاء نموذج الاسلام السياسي المدني الحداثي جدا القريب من ثقافة التونسيين وميولاتهم ، وصولا لكسب حب الكثير من الناس ،
اما الناطق باسم رئيس الجمهورية فانه لا يكاد ينطق ابدا ، لأن الرئيس هو الذي ينطق ، فتارة يصيب وتارة ينطق عن الهوى ، فهو ما زال يتعلم النطق ويعدّ لانتخابات الرئاسة القادمة ولن يسمح لناطقه ان ينطق ، فنراه تارة يصعّد في لهجته ويرفع من صوته وتاره يخفض من صوته ويبحث عن مستقر لأسلوب متعثر ونبرة مرتبكة ، حتى يكاد يتملكني الشعور احيانا بانه يقوم بدور الرئيس وليس هو الرئيس نفسه ،
الملاحظ عموما أنه رغم وجود ناطقين رسميين الأول باسم الحكومة والثاني باسم الرئاسة ، وهو امر مستحدث لا يوجد في أي دولة في العالم الا في تونس الثورة ، لأن الأول تختص به الأنظمة البرلمانية والثاني تختص به الأنظمة الرئاسية ، بحسب الجهة التى تمتلك السلطة التنفيذية ذات العمل المتحرك الذي يتطلب متابعة يومية واعلام الرأي العام بمستجداته،
رغم وجود هذا الازدواج المرهق والهجين ، ورغم الحاجة الملحة للمعلومة الرسمية الغائبة منذ ستين عام ، فالملاحظ انه ثمة شغور في مهمة الناطق الرسمي ، فآخر تصريح للناطق الرسمي للحكومة بوصفه ذاك يعود لشهر جانفي وفي افضل الأحوال شهر فيفري 2012 ،
ومن ثمة لم الحظ له نطقا ، الا ان تكون حكومتنا المؤقرة تريد ان تعمل بصمت وهو امر في غاية الخطورة ، لأن الصمت اصبح ممنوع بعد الثورة ، فالشعب اضحى مشغوفا بالشان العام ، ولا يمكن كسب ثقته دون تزويده بالمعلومات الكافية في الوقت المناسب وبالشفافية المطلوبة لكل ما يهمه ويهم بلاده ،
ولن نقبل بالاحالة على صفحة " جديد الحكومة " ..على شبكات التواصل الاجتماعي ..ولكن يحب ان نرى المتحدث باسم الحكومه يمدنا بتفاصيل عملها وفحوى قرارتها وآليات تنفيذها ما دمنا اقرب الى النظام البرلماني ، وان كان الله يرى ما تفعلون فالشعب في حاجة الى من يريه اعمالكم ،
فحذار من الصمت ايتها الحكومة ، فلو عملت ليلا نهارا وحتى لو وصل الأمر الى حد توعك صحة كل وزرائك من قلة النوم ، لا قدر الله ، فلن يشعر بك أحد ولن يصدقك احد ما دامت الشفافية ومصارحة الشعب بالكبير والصغير غائبة وما دام ناطقك لا ينطق وانما غالبا ما يستنطق ،
ان الشعب اصبح يقشعر بدنه لمقولة العمل بصمت ، فطالما قيل لنا أن بن على يعمل بصمت ، وانه لا ينام الليل الا قليلا ، ولكن اتضح لنا أنه يسرقنا بصمت ، ولا ينام الليل الا خوفا منا ،
ولا اقارن هنا ابدا معاذ الله ،
ولكن اخشى ان تستمر الآلة القديمة في عرقلة كل جهد جاد مستغلة هذا الصمت ، واخشى ان تعجز الحكومة عن مواجهتها فتحتمي بالصمت نفسه ،
وعندها سنقرأ جميعا فاتحة الكتاب ، ومن الثوريين دقيقة صمت ، ترحما على روح الثورة ، فمقياس نجاح الثورات مدى القضاء على الفساد ،
نحن نحتاج الى ناطق ينطق كل اسبوع وبتغطية اعلامية واسعة محلية ووطنية واجنبية ليحدثنا عن مسار ثورتنا وعما عملته الحكومة ومؤسسات الدولة ليلا ويشهدنا عما تعمله نهارا ،
فأنا لا أعرف مثلا لحد الآن بالضبط أي افق ينتظر مدينتي ، الكاف ، ما نصيبها من التنمية ،
اعرف انها الأسفل في السلم ولكن كلى امل
(هل طريق سيارة ؟؟هل مصانع تحويل غذائي ؟؟ هل بعث مشروع فسفاط سراورتان ؟؟هل زراعة ملايين اشجار الزيتون في جنوب الولاية ؟؟ هل استغلال مخزونها المائي في زراعات سقوية كبرى ؟؟هل اسناد حق اولوية في التوظيف بمؤسسات الدولة اصلاحا لظلم ستين عاما ؟؟هل عودة الدولة للقيام بدور المستثمر لضعف راس المال المحلي واستحالة قدوم راس مال وطني او اجنبي لضعف البنية التحتية ؟؟؟
هل من منوال جديد للتنمية ينقذنا عموما من التبعية المذلة ، هل من اولويات جديدة تخرق قواعد الأولويات التى حطمت كياننا واهدرت طاقاتنا وجهلت ابناءنا وافقرت اهلنا ؟؟؟
فانا لا اعرف مستقبل ولايتي ولا اعتقد ان احدا يعرف مستقبل ولايته امام احلامنا التى لا تنتهي وانتظاراتنا الكبري لغد أفضل ..
كما نحتاج لأجوبة عن عدة سؤالات اخرى يطرحها شق من التونسيين "موازيين خلافيين " .
فقولوا لنا كل شىء ..اي شىء ...قولوا لنا حتى : لا شىء لكم عندنا ،
المهم عندنا ان تنطقوا ...
وارجو في النهاية الا تجيبني الحكومة بقول العاشق الذي لم يجرؤ على الكلام فانشد :
يترجم طرفي عن لساني لتعلموا ويبدو لكم ما كان صدري يكتـم
ولما التقينا والدموع سواجم خرصت وطرفي بالهوى يتكلـم
تشير لنا عما تقول بطرفـها وأومي الـيها بالبنان فتفهـم
حواجبنا تقضى الحوائج بيننا فنحن سكوت والهوى يتكلــم

عفوا ايتها الحكومة لا تعولي على الهوى فانه هو الآخر خرص ولم يعد يتكلم

الأستاذ عمر الرواني .
محـــامي

الأحد، 20 مايو 2012

تونس..موازي..خلافي






تونس..موازي..خلافي
في تونس اليوم كلما وجدت شيئا تجد له شيئا آخر مواز له
في البضاعة تجد الأصلي والمقلد ...والسوق والسوق الموازية
والتجار تجد صاحب المحل وليس بعيدا عنه " نصّاب" مواز يحتجز الرصيف
وتجد العامل الذي يتصبب جبينه عرقا ليجني بعض الدنانير القليلة قوتا لعياله ...والعامل الموازي الذي يتدخل بسرعة ونجاعة لتدعيم اعتصام بطريق " الوفقة السياسية " ويسجل حضوره في عملة الحضيرة بالغياب ...وفي الادارة تجد الموظف الناشط الذي تقوم الادارة على جهده ووقته وتجد الموظف الموازي (وهم كثر ) وهو الذي يتقاضى مرتبا بلا انتاج
وفي الاعلام ثمة اعلام الثورة والاعلام الموازي الذي نشعر انه يسب الثورة ويلعنها ليلا نهارا ويحن للعهد القديم ..تلميحا وجهارا
أما في السياسة فالأمر أكثر وضوحا فثمة مجلس تأسيسي منتخب انفقت تونس لأجله ثورة ودماء وشهداء ..وثمة مجلس تأسيسي مواز لا ندري ماذا انفق عليه اصحابه ...ربما اموالا موازية ايضا
ونجد مؤسسات ووزارات رسمية واخرى موازية : وزارة حقوق الانسان والعدالة الانتقالية ومركز مواز للعدالة الانتقالية وتنسيقية للعدالة الانتقالية موازية لهم
ثمة حكومة شرعية انتجتها صناديق الاقتراع كما في كل الدول الديمقراطية يراسها السيد حمادي الجبالي وحكومة أخرى موازية يرأسها اصحاب المبادرات التجمعية وبعض روؤس الأموال الفاسدة
وربما رئيس دولة ورئيس دولة مواز له
ولكن ثمة فروق بين المؤسسات الرسمية وتلك المواز
فالأولي اهلها منا ونحن منهم نعرف طينتهم جيدا ويعرفوننا ...فهم ابناء الفقراء والمضطهدين وخريجي مدارس النضال ..أما ناس الثانية فليسوا منا ولسنا منهم فهم من طينة اخرى ومدن اخرى واحياء اخرى ارقي من فهمنا وادراكنا ..احياء لا تعرفنا ولا نعرفها ...كانوا يتربعون على خيرات بلدنا والسياسة عندهم هواية بلا تعب وابواب كبرى للرزق بلا سبب
المؤسسات الشرعية نعرف كيف اتت ومن اين ونرى على المباشر اعمالها ونعرف مرتبات اصحابها وطرق تمويلها ...اما الموازية ...فلا نعرف كم يتقاضى ممتهنوها ..هل بطريق الوفقة ام بالراتب الشهري ام السنوى ..ام بقدر اهل العزم تأتي العزائم .....كما لا نعرف من يمولها وما هي اسباب وجودها ...ربما هي لعنة الديمقراطية ...او لعنة صناديق الاقتراع ..او لعنة السوق السياسية الموازية
السؤال المحير لدي : من اين سيأتي هؤلاء بشعب مواز ...ثمة شعب واحد في تونس ...انهم ابناء الأحياء الفقيرة ..ابناء القرى والارياف ...العمال والفلاحون ..انهم هم انفسهم الذين ثاروا ضد الظلم وهم انفسهم الذين شدوا رحالهم لصناديق الاقتراع يوم 23 اكتوبر 2011 وهم انفسهم الذين سيحسمون كل معادلة سياسية قادمة ...فمن اين نأتي لكم يا تجار السياسة الموازية بشعب بديل ....الا ان كان افتراضيا
وعندها حق لي ان اقول :أني أكاد اشك في نفسي لأني
أكاد اشك أني
مواز لنفسي ولا ادري
الأستاذ عمر الرواني

السبت، 12 مايو 2012

بعد نصف عام من الحكم...الترويكا الى اين




بعد نصف عام من الحكم...الترويكا الى اين
انهكت ستون عاما من القمع المركّز كل فئات الشعب المناضلة ، فبعد الزواتنة والقوميين ( اليوسفيين )الذين شردوا وقتلوا نهاية الخمسينات ، كان دور اليساريين الذين قادوا حركة النضال في الستينات والسبعينات واعيتهم السجون فانخرط قسم كبير منهم في النظام السياسي القائم ودعموه ودافعوا عنه وتقلدوا مناصب عليا فيه فخسر اليسار كثير من مناضليه وبقيت قلة ثورية تقاوم الاستبداد ،
ثم برز بعد ذلك نجم الاسلاميين و جاءت المحرقة التى تعرضوا لها في اواخر عهد بورقيبة ثم في عهد بن علي ، فنالهم النصيب الأوسع من القمع وحطموا ارقاما قياسية في عدد سجناء الراي في تاريخ تونس ( عشرات الآلاف ) ، وفي عدد المنفيين اذ توزع جزء من مناضليهم على جل دول العالم تقريبا ، حتى كاد اليأس يدب الى النفوس ،
فلما تبخر او كاد حلم الثوريين اليساريين بثورة يقودها البروليتاريا و حلم الاسلاميين بثورة يقودها المستضعفون في الأرض ، اندلعت ثورة شعبية عارمة فاجأت الجميع ، فاعادت احياء نبض النضال فيهم جميعا لينضموا الى صفوف الثوار بل ولنجدهم في الصفوف الأولى ، فحمة الهمامي اقتيد للسجن ايام الثورة ، كما لا يمكن ان تمحي من الذاكرة صورة السيد سمير ديلو ( وزير حقوق الانسان الحالي ) وهو امام مقر وزارة الداخلية يشهر صدره في وجه بندقية رجل امن طالبا منه اطلاق النار يوم الرابع عشر من جانفي 2011 ، (وهو الرجل الذي ما عرفته الا ثوريا طيلة ايام الجامعة التى جمعتنا ثم بعد خروجه من السجن في المحاماة ،)
وانتصرت الثورة ،
وراينا الجميع يتقلد بهاءها ورونقها من اقصى اليمين الى اقصى اليسار وحتى من ثارالشعب ضدهم ركبوا جوادها ونسوا ان الماضي لا يرحم فضلا عن كونه ماض قريب ما يزال حيا ينبض بيننا ،
وما تكلم احد الا خلته قائدا عظيما من قادة الثورة رغم اننا قبل ذلك لم نكن نسمع له ركزا ، فضلا عن ان اغلبهم كانوا مستفيدين او منهزمين او محرضين للنظام على المناضلين ،
ولكن عودة الاسلاميين للساحة السياسية كانت ملفته للنظر ، فالقوة والزخم الذي استعادوا به الثقة في انفسهم وفي الشعب كانت كبيرا ، والروح التى كانت تحركهم اقوى بكثير ، حتى لا نكاد نلحظ عليهم أي انهاك من قرون السجن التى نالها مناضلوهم زمن القمع القريب والبعيد ،
ولم يكن ممكنا وقف ذلك الزحف الاسلامي ، لا من الداخل لضعف باقي القوى اليسارسة والقومية من جهة ، وتشرذم القوى الانتهازية التى كانت في السلطة او تدور في فلكها ، ولا من الخارج لأن الأمر يتعلق بخيار شعبي واسع كان نتيجة ثورة عملت فرنسا مثلا ( المؤثر الأبرز سياسيا وثقافيا في بلدنا) ، عملت على اجهاضها بكل الطرق داعية صراحة بواسطة وزيرة خارجيتها الى وضع كل امكاناتها القمعية للغرض ،
واستطاع الاسلاميون تبني وبلورة اهم شعارات الثورة والذي اعتقد الجميع انه المدخل الوحيد لتحقيق اهدافها في القطع النهائي مع الماضى اشخاصا ومؤسسات ، وهو انتخاب مجلس وطني تأسيسي يعيد بناء مؤسسات السلطة السياسية المهترئة والمعطلة ، وذلك بصياغة دستور جديد في مستوى الثورة ، ولايجاد سلطة تنفيذية منتخبة وشرعية من شأنها ان تساهم في تهدئة الأوضاع والعودة من النطاق الثورى اللامحدود الى نطاق ثوري بنّاء يعيد صياغة الثقة بين السلطة والشعب ويعيد امل الناس في مستقبل افضل يكون رجالاته مختلفين عن النوعية التى سادتهم خلال كامل المدة الماضية منذ الاستقلال الى اليوم ،
وتوحد الشعب كله على هذا المطلب رغم الاحساس الدائم للقوى القومية واليسارية ، ويصل حد القناعة الراسخة لدى القوى الانتهازية من بقايا النظام ، بأن أي عملية انتخابية قد تفرز اغلبية اسلامية ، وقد لاحظنا ترردا ودعوة لتجاوزالانتخابات حتى بعد الاعلان عن تحديد موعد لها ، والاكتفاء بانتخابات رئاسية بعد تعديل بسيط للدستور واعادة نفخ الحياة فيه ، ولكن لم يصمد ذلك الطرح كثيرا ، واستسلم الجميع لخيار الصندوق ، وربما راهن آنذاك المعادون للاسلام السياسي على تأثيرات الضربة القاصمة التى وجهها النظام البائد للاسلاميين ( نهضويين ومن بعدهم سلفيين ) وانهم لن يستطيعوا تجميع قواهم بالسرعة المطلوبة وان مناضليهم اقل استعدادا في تلك المرحلة ،
وكانت الانتخابات ،
فافرزت نجاحا مبهرا للتيار الاسلامي ممثلا في حركة النهضة وحزب المؤتمر من اجل الجمهورية القريب منه ، وكذا عدة شخصيات وطنية مستقلة محسوبة على الاسلاميين ، فكان نجاحا غير متوقع حتى من الاسلاميين انفسهم الذين راهنوا على ثلاثين بالمائة من المقاعد في افضل الأحوال ، دون ان يكونوا في الحقيقة على استعداد لتحمل مسؤولية قيادة البلد بمفردهم في تلك المرحلة الدقيقة ، فبحثوا عن تحالفات اوما اسموه بضرورة الوفاق الوطني لحكم البلاد وصنع مؤسساتها وقوانينها الكبرى ، سيما الدستور، بمشاركة الجميع ، لأن المرحلة تعد لأجيال قادمة وتهم كل التونسيين ،
واستطاع الاسلاميون والمؤتمر من اجل الجمهورية كسب حليف يساري معتدل وهو التكتل من اجل العمل والحريات ، ليشكلوا " ترويكا " متنوعة ممثلة لاكثرية اطياف المجتمع وتبدو قادرة نسبيا ومؤهلة منطقيا لقيادة البلد سياسيا ودستوريا ،
ورغم ما اتسمت به الانتخابات من نزاهة وشفافية غير مسبوقة في الوطن العربي كله ومشاركة جماهيرية واسعة فيها ، فان الأقليات الحزبية واللوبيات التجمعية الماسكة بزمام الادارة خصوصا في المستويات الوسطى والدنيا وحتى العليا في بعض الاحيان ، لم ترضها النتائج فاليساريون الثوريون يعتقدون ان صندوق الاقتراع لم ينصفهم ولم يجازهم الشعب بحجم مشاركتهم الفاعلة في الثورة ، والتجمعيون واليسار الانتهازي احسّوا بالتهديد المباشر لمصالحهم المكتسبة في عهد " صانع التغيير" ، وكذا تهديد نفوذهم من حكم الاسلاميين ومن معهم ، فساهم هؤلاء بشكل فاعل في تعطيل عمل الترويكا ،
فعلى مستوى المجلس التأسيسي لاحظنا انحطاطا في مستوى نقاش هموم البلد ، واستخفافا بعقول الناس ، وبرزت خطابات شعبوية بالية اقرب الى روح الكذب التجمعي المعهود ، ولاحظ الناس انتفاء روح المسؤولية لدى من سموا انفسهم بالمعارضة ، حال ان الوضع وضع استثنائي وكان ضروري توحيد وتجميع الصفوف للخروج بالبلاد من مازقها السياسي والاجتماعي الذي تعيشه والتسريع بالبناء القانوني للدولة ،
اما على المستوى الاجتماعي فقد غذت تلكم القوى الحراك الشعبي الذي ما زال به نبض ثورى ورغبة عارمة في تغيير اوضاعهم الاجتماعية بين عشية وضحاها معتقدين ان الأمر على غاية من السهولة ، وشهدنا توترات اجتماعية عدة وتعطيل لمراكز انتاج وطنية كبرى واعتصامات واحتجاجات ..وقطع طرق وو...كانت وسائل الاعلام سبّاقة لنشرها والتعريف بها ..وتغذيها بشكل او بآخر ، ولم نر انها تنشر ثقافة القانون واحترامه الا عندما اعتصم شباب امام مقر التلفزة ، ثمة فقط تحدث الاعلام عن ضرورة تفعيل القانون لوقف الاعتصامات رغم ان ذلك الاعتصام لم يعطل الانتاج التلفزي ولا عطل دخول العاملين او خروجهم ، ولم يتقبل الاعلام العمومي ان ضحاياه الذين كان يسميهم " ارهابيين " و "مجرمين " و" متطرفيين " وظلاميين " و "عصابات منظمة " و " مصطادين في الماء العكر "و " الحاقدين على تونس " و" حاسدي رجل التغيير على انجازاته " لم يتقبل الاعلام ان اؤلائك انفسهم هم الذين اختارهم الشعب الآن ومنحهم ثقته لوضع ملامح مستقبله ، لم يشأ ذلك الحاجز المعنوى ان ينكسر ويكسر معه بسرعة ما تربى عليه الاعلاميون لأزيد من نصف قرن من الزمن .

الا ان كل ذلك لم ينجح في زعزعة رجالات السلطة الناشئة ،

وسجلنا للترويكا حسن ادارتها كسلطة سياسية للصراع والحراك الاجتماعي ، اذ افلح قادتها سياسيا او امنيا او حتى حزبيا كل من موقعه في فك الاعتصامات بطريقة مستحدثة تعتمد الحوار والاقناع وتتجنب العنف في مجملها ، اذ لم نسجل سقوط قطرة دم واحدة ، كما لم تستجب لدعوات التحريض السياسي ضد هذا التيار او ذاك ومحاولة معاملة الجميع على قدم المساواة ، وبدأ الحراك الاجتماعي يتسم بالوعي والمسؤولية يوما بعد يوم ، واظهر عدة وزراء قدرتهم الكبرى على تعبئة الطاقات وتنظيمها وترويض كبرى الوزارات المارقة (السيد على العريض في الداخلية والسيد عبد الكريم الهاروني في وزارة النقل وغيرهم ) ،
وعموما فقد تدعمت قيم الحرية واصبحت من الثوابت التى لا يمكن المس بها مستقبلا ،
وما زال ينتظر الحكومة مجهود كبير لتركيز وتدعيم مبدأ التسامح وقبول الآخر ، فثمة كثير من الدعوات الي العنف والتمرد واثارة النعرات الجهوية ووصل الأمر الى حد الدعوة الى قتل الاسلاميين عموما ( عدنان الحاجي ) ، وهي نتيجة موضوعية لفكر استئصالي كهفي متجمد ، وثقافة نفي الآخر المترسخة في عقلية التحزب الايديولوجي البالي ،
كما لاحظنا فصلا دقيقا وواضحا في الأداء الحكومي بين الموقف تجاه الجريمة التى يرتكبها فردا معينا وبين حركات الاحتجاج الجماعية ، ويمكن القول انه : وداعا للعقوقبات الجماعية ،
فيجب محاسبة كل فرد بقدر ما اتاه من فعل وليس بقدر ما يحمل من افكار ومعتقدات ، ولا يعاقب انصاره ومريدوه بما يأتيه من افعال ، ف"كل نفس بما كسبت رهينة " ..والافكار والمعتقدات لا تشكل جرائم مهما كانت نظرتنا لها متطرفة او حداثية ، ويبقى التعامل مع الجريمة كجريمة في اطارها الضيق طبق مقتضيات القانون السائد ،
ومن ثمة شهد الوضع الأمني تحسنا كبيرا ، ولمسنا تطورا لأداء رجال الأمن ينمو يوما بعد يوم ، وترشّدا لعملهم اكثر فاكثر ، وبداية تساقط الحاجز المعنوى لديهم ، وهو الذي عطلهم عن اداء مهامهم في الايام الأولى للثورة ، ولاحظنا نمو الأفكار الجديدة لديهم ملخصها السقوط النهائي لمقولة ان الأمن في خدمة السلطة ، وبداية عهد الأمن الجمهوري الذي لن يكون مستقبلا الا في خدمة الشعب ،
ومن ثمة لن نخشى من المستقبل ،
فرجل الأمن اذا ما ترسخت لديه هاته الأفكار فلن يستدرج للقمع مستقبلا مهما كانت السلطة التى قد تخلف الترويكا ، والحرية ستصبح مكسبا لا محيد عنه ،
وهذا يحسب للنهضة وشركائها في الحكم ،
يبقى الوضع الاجتماعي على حاله تقريبا ، ولم يشهد المواطن اية بارقة امل ، وليس مهما ان نذكر بهذا الصدد ان مقاومة الفقر والتشغيل ، لئن كانت مطلبا جوهريا ايام اندلاع الشرارة الأولى للاحتجاجات ، فانها لم تعد اولوية في الايام الحاسمة للثورة ، فالشعار الذي طغى في النهاية هو " خبز وماء وبن علي لا " فالشعب كان مستعدا للخبز والماء والصبر حتى تعيد الدولة انفاسها ، المهم عنده الا يحكمه الفاسدون ، فهل تغير الشعب فجأة ولم يعد له مجال للصبر ، وانه يريد كل شىء الآن وهنا ، هل الى هذا الحد ، الم نر في الجنوب التونسي ابان الثورة الليبية انه شعب يقتسم رغيفه مع جاره الليبي ولا يتضور جوعا ، الم يصبر على ظلم بن على وهو على علم بفسادة طيلة عشرات السنين ، انه الشعب نفسه العظيم الذي لا ينحنى ،
كيف يمكن تشغيل قرابة المليون عاطل ، وكم مطلوب ان تشغل حكومة ورثت خزائن منهوبة وواجهتها اعتصامات عشوائية عطلت مسيرة الانتاج واعلام يحرض على الفوضى ، كم مطلوب منها ان تشغّل ، في اشهر قليلة ، حتى تنال الرضى ،
وقد أخطأ الكتور المنصف المرزوقي رئيس الدولة لما حدد مهلة للهدنة ، وكأن المجتمع يعيش حالة حرب مع نفسه ، او مع سلطة لم تكد تتسلم سلطتها ، ويربطها بستة اشهر وهي مدة جد قصيرة مقارنة بتاريخ الشعوب الثائرة التى تتطلب استقرارها عشرات السنين واكثر ، وكان من الاجدر مصارحة الشعب بذلك أفضل من ان نتركه يحلم بالجنة الموعودة والمفقودة في نفس الوقت على مستوى الاشهر القريبة القادمة على الاقل ،
ولكن المعتقد لدينا ان بضع سنين كافية في تونس لاحداث انطلاقة نوعية وربما قفزة نحو تنمية شاملة هي اقرب الى المعجزة ، ونحن نأمل في الشعب التونسي البطل تحقيق ذلك بقيادة من اختارهم ، وهو قائد الثورات العربية وثورات القرن العشرين عموما ،
ففي تركيا مثلا لما اعتلى حزب العدالة والتنمية الاسلامي السلطة منذ اثني عشر سنة ماضية كانت تركيا على شفا الانهيار الاقتصادي والاجتماعي ومكبّلة بالديون الغربية ، واقتصادها اضعف من الاقتصاد اليوناني ، ولكننا نراها الآن في ظرف وجيز تصبح من اكبر اقتصاديات اوروبا ، في ظرف وجيز ،
فقوة الارادة للشعوب وخروجها من دائرة العقلية الانتظارية والتسول الى عقلية العمل والفعل في التاريخ ، واقتران ذلك بنظافة يد حكامها ووطنيتهم والتعويل على قدراتها الذاتية ، هي من اسباب الانطلاق نحو الرقي والتقدم والقضاء على الفقر والبطالة وتحقيق الرفاهية والازدهار والعزة والكرامة للفرد والمجموعة ،
ومن ثمة فاني استمع جيدا الى من يطرحون مسألة اعادة النظر في منوال التنمية ، فالتركيز على التداين والارتهان للغرب او لدول الخليج او لأية قوى اجنبية سيكون عامل اعاقة لاقتصادنا ، ومنوال التنمية يجب ان يتخلص شيئا فشيئا من الارتباط بالاجنبي وعلينا ان نحاول صنع تنميتنا باموالنا وافكارنا وسواعدنا ، ويجب ان يكون ذلك خيارنا الاستراتيجي ،
وربما ثمة توجه جديد في الميزانية التكملية لاعتماد موارد داخلية بدرجة اولى للاقتصاد ، والتعويل على ذلك ،
كما لاحظنا طرحا من السيد رئيس الحكومة " حمادي الجبالي " وصل حد احداث صندوق خاص بالتشغبيل ، رغم ما تثيره فكرة الصناديق لدى التونسيين من شبهات موروثة عن صناديق السرقة في عهد بن على ،
ولكن في كل الأحوال لا يجب التفكير في اعادة امثلة فاشلة لمنوال تنمية سواء في دول اوربا الشرقية وحتى في عدة دول عربية ، وهو الذي يركز على ملكية الدولة وتحكمها الكامل في وسائل الانتاج مثلما نسمعه اليوم عن تأميم الثروات ، وربما يكون ذلك حلا وقتيا لمساعدة المناطق الداخلية المحرومة التى لها دين على الدولة لستين عام من الحرمان من فرص النمو ، ولكن لن يكون حلا دائما لثبوت فشله ، كما لا يجب علينا اتباع النموذج الغربي الذي يترك اليد لتسلط رأس المال بلا قيود ، فهو امر كارثي ايضا وبدات ملامح فشله تظهر في كثير من الدول الغربية (اليونان واسبانيا و البرتغال و ايطاليا ..)
علينا اختيار بل ابتداع نموذج تنمية تونسي خاص بنا ينبثق من ثقافتنا الاسلامية ولا باس بدرس التجارب الاسلامية الناجحة كماليزيا وتركيا والاستفادة منها خاصة وانها استطاعت الصمود امام اقتصاديات كبرى اتت على الأخضر واليابس وراس مال متغول كان اول ضحاياه عمال العالم وفقرائة ومستضعفيه ،
وعموما
فالملاحظ ان تحسنا كبيرا في الأداء الحكومي بدا يظهر يوما بعد يوم رغم بطء التأقلم مع المهام الجديدة : مهام السلطة ، وحكامنا قضّوا اعماراهم وكادت تستنزف طاقاتهم في مهام نضالية مع الاختلاف الكبير بين الدورين ،
فصعوبة التأقلم مع الوضع الاداري القديم ظاهرة للعيان ، وهو الذي كانت تحكمه العلاقات الفوقية الشبه عسكرية ، في حين ان ميزة العلاقات الجديدة هي الحوار والوقوف على مسافة واحدة تجاه المسؤولية في بلوغ المصلحة الوطنية ، فضلا عن ان بعض الاداريين بالرغم من كفاءتهم العالية فانهم تعودوا طيلة عشرات السنين على طريقة فاسدة في التسيير واحسوا بالتهديد الحقيقي لمصالحهم الشخصية الضيقة فعملوا ولا زالوا على عرقلة كل عمل في ظروف الشفافية وعلى ضوء الوضع الجديد ، واصبح يحدوهم حتى الأمل في عودة الآلة القديمة او على الأقل التحكم في السياسيين الجدد بقدر امتلاكهم للصنعة .
كما اتضح ان حكامنا يجدون صعوبة كبرى في التخلص بسرعة من رموز سياسية وسطى ودنيا (خاصة معتمدين وعمد ) وهؤلاء من اكثر المتضررين من الثورة ويسعون كل جهدهم لقطع طريقها ، وما يزالون في كثير من الأحيان يتحكمون في اتخاذ القرارت على تلكم المستويات ويساهمون بشكل كبير في توتير الأوضاع وتأزيمها وعرقلة كل نشاط حكومي ايجابي ...
كل ذلك رغم ان الشعب مل تلك الوجوه القديمة ولا يفهم مغزى بقائها لحد الآن .. ايها الحكام هاته المرة سنقول انكم انتم السبب في صورة أي فشل قادم لا قدر الله فلا عذر لكم اليوم ولن يغفر لكم التونسيون ابدا ان يستمر مصاصي دماءهم في مواقعهم .
وتظل انتظارات الشعب اكبر من كل انجاز حكومي مهما كبر ، ولكن لحد كتابة هاته الأسطر فان الانجازات الاجتماعية والاقتصادية على مستوى المشاريع الكبرى والتشغيل وخاصة في المناطق الداخلية ما زالت تراوح الصفر
، ..
فاي أمال يجب ان نعلق على مشروع الميزانية التكميلي ...والى أي حد يمكن ان يساهم في بداية الطريق نحو حلحلة الوضع الاجتماعي المتعثر ...
الأستاذ عمر الرواني محامي وناشط سياسي

الأحد، 6 مايو 2012

التعويض و التعريض في العدالة الانتقالية




التعويض و التعريض في العدالة الانتقالية
في كل يوم تسقط النخب المزعومة و تزيد في ازدراء الشعب بها وتهكمها عليها لما تقترفه من عهر سياسي । فهؤلاء الذين يتصدرون المشهد الاعلامي بعد الثورة وتراهن عليهم بقايا التجمع وأصحاب المال الحرام في تحالف مشبوه يستهدف الثورة أولا وتحويلها الى كركوز وكرنفال للمراهقين الذين نراهم على خشبة المشهد السياسي والإعلامي في اثارة فاضحة
هؤلاء اليوم بقيادة السيد سمير بالطيب عضو التأسيسي عن حزب التجديد الحزب الشيوعي السابق والمتحالف مع القطب الخرافي عفوا الحداثي والأستاذ الجامعي الالمعي في القانون الدستوري وفقهاء العصر الهلامي الذين خرجوا لنا من تحت الارض بعد 14 جانفي وكأن الدنيا والجامعات لم تلد غيرهم يتطاولون اليوم على المناضلين الذين أفنوا سنوات شبابهم في السجون والمنافي والتعذيب بعد أن أطردوا من عملهم ومن الدراسة و قضوا بقية سنوات السجن الصغير في سجن كبير تحت المراقبة الادارية لا يستطيع احد منهم ان يرتزق ويطعم ابنائه . ومنهم من حاول الانتحار ومنهم من مات تحت التعذيب وأمراض السجون ورأينا من حاول ان يبيع أبنائه في سوق الدواب في قبلي بعد أن منعوه من العمل لإطعامهم ومنهم من خربوا بيته وطلقوه من الزوجة ومنهم من تعرض لمحاولة الاغتصاب وآخر اغتصبوا أخته أو زوجته ومنهم ومنهم ...هذا الاستاذ الجامعي في القانون يتطاول على القانون نفسه ويدعي أن النظال لا يتطلب تعويضا وكأن هؤلاء يطلبون منة ؟؟؟ يا صاحب الأمانة العلمية هؤلاء يطالبون بحقهم في التعويض المادي وهو نصف الحق الممكن لأن البقية لن تعوضه القوانين لقصورها ولكن عدالة السماء ستعوض البقية لأن الزمن لن يعود بهؤلاء الى سنوات تمتعت أنت بها وغيرك في ظل الاستبداد وبنيت وشيدت فيها أحلاما وتحالفت فيها سنة 87 مع رموز الفساد
ولم نسمع لك صوتا ولم نقرأ لك رأيا ولم تدخل للسجون دفاعا عن الكرامة والحرية والشغل وكنت تدخل مخافر الأمن لاستخراج وثائق لا غير ولم تمتهن سلامتك الجسدية وعرضك ولم يزرك زائر الليل ينغص عليك حياتك ولم تطارد في المطارات .
أما الذي ينسج اليوم على منوالك ويخرج لنا ببيان الى الرأي العام فيه ما يضحك وسخافة ما بعدها سخافة هو فضيحة وعهر ما بعده عهرا . اسمعوا ما جاء فيه " في خضم الحديث عن تقديم تعويضات مالية لمن سجن وعذب لأسباب سياسية أعلن أنا محسن بن عبد الكريم بن عمر مرزوق أنني لا أطالب بأي تعويض مادي جزاء اعتقالي وتعذيبي ونفيي لرجيم معتوق سنة 87 كوني دفعت ثمن افكاري لخدمة شعبي كغيري ولا اقبل أي تعويض مادي جزاء ذلك ينزع من قوت الشعب وميزانية الدولة في هذه الظروف الصعبة ....." ان لم تستحي افعل ما شئت هذا الرجل كاذب وما يقوله بهتان هذا السيد اوقف في حملة على الجامعة في اواخر افريل87 وكان معظم الموقوفون ابناء الاتجاه الاسلامي ومنا ظلي الاتحاد العام التونسي للطلبة وقليل من النشطاء القوميين واليساريين قضوا اسبوعا او يقل في الايقاف وبعدها جندوا كل من لم يثبت انه مطلوب في قوائم معروفة و الذين استثنوا من التجنيد ذهبوا للمحاكمة بعد تعذيبهم في دهاليز الداخلية. والمجندون لم يقضوا الا ستة اشهر واخلي سبيلهم بعد انقلاب نوفمبر 87 هذا رصيد صاحبنا النضالي ولكن نسى أوتناسى انه جند فعلا من طرف بن علي صحبة لفيف من أمثاله مناضلي اليسار كنوفل الزيادي ومنذر ثابت وسمير العبيدي الوزير السابق ومحمد الكيلاني في مهمات تتصل بالحركة الاسلامية وفتحت لهم الآفاق في مواقع عديدة كسبوا منها وارتزقوا من المال الحرام في الداخل والخارج وجندت أنت من طرف المخابرات الامريكية في منظمة فريدم هاوس ومنتتديات ومنظمات مشبوهة كانت تعمل لحساب مخابرات غربية في المشروع العالمي المسمى مكافحة الارهاب في ظاهره ولكنه معني خصيصا بمراقبة والتجسس والتخابر على التيارات الاسلامية واعداد التقراير والدراسات ...نعم انت غني عن التعويض لانه لن يوفر لك شيئا لان مقاييس النضال الذي يحدده قانون التعويض رصيدك فيه صفرا والمال الذي جنيته من المهمات المشبوهة كثيرا ويفر لك الحاجة والبحبوحة وتأتي اليوم للمزايدة على الذين جاع أطفالهم وضاع شبابهم واستشهدوا تحت التعذيب لتخرج بطلا مغوارا و تزايد عليهم بانك لن تطالب بتعويض جراء الاعتقال والتعذيب ..انك خائن للوطن ومنافق وعميل للأجنبي بعت ضميرك بمال وسخ أما هؤلاء الشرفاء لا يطلبون صدقة ولا منة انهم يستردون حقوقا منقوصة من الواجب القانوني والأخلاقي تشرعه الاعراف والقوانين حتى يستردوا كرامتهم يا من تتشدقون بشعارات ...شغل ..حرية ..كرامة وطنية.
اذا كان هؤلاء اليوم يسكتون على فداحة ما حصل من فضيحة و لا يتهافتون على وسائل الاعلام المتواطئة لينشروا هذا ويطلعوا الرأي العام وأبناء هذا الشعب الذي كان يعيش حياته اليومية سنوات الاستبداد وهو يساكن هذا الرعب ..كيف واصل النوم في تلك الليالي التي كان فيه هؤلاء هم وأبنائهم وعائلاتهم يعيشون الرعب وجحيم المداهمات وانتهاك الأعراض ...اي ذاكرة مثقوبة تلك التي تتيح لنا ان نتناسى الالاف الذين اهترؤوا في السجون ..هذا عار يكاد يلامس التواطؤ ..من خوفنا ..وغفلتنا ..وصمتنا على الجريمة ..هؤلاء في تلك الايام كانوا في كابوس من الجنون والرعب هم وعائلاتهم وابنائهم . أما أنتم فكنتم تتآمرون عليه في الليل والنهار وتعقدون الصفقات مع جلاديهم .
ان موقف سمير بن الطيب ومحسن مرزوق ومن لف لفه من النخب المزعومة المتهافتة اليوم يعد فضيحة مدوية . هذه النخب المزعومة فضيحة ...هذا الاعلام والمنضمات والمؤسسات والقوانين والقضاء فضيحة ...هذا النصف قرن في تونس فضيحة ...وعلى الرغم من ان هذه الثورات العربية عرت ذاك الواقع المرير وماتزال تلاحق هذه الفضيحة بتنوعاتها الا أن هؤلاء مازالوا لم يتخلصوا من العار والتحريض والمزايدة . الثورة لم تستكمل بعد اهدافها ومصيركم مزبلة التاريخ ....
محمد المولهي
نقابي وناشط سياسي