الأحد، 20 مايو 2012

تونس..موازي..خلافي






تونس..موازي..خلافي
في تونس اليوم كلما وجدت شيئا تجد له شيئا آخر مواز له
في البضاعة تجد الأصلي والمقلد ...والسوق والسوق الموازية
والتجار تجد صاحب المحل وليس بعيدا عنه " نصّاب" مواز يحتجز الرصيف
وتجد العامل الذي يتصبب جبينه عرقا ليجني بعض الدنانير القليلة قوتا لعياله ...والعامل الموازي الذي يتدخل بسرعة ونجاعة لتدعيم اعتصام بطريق " الوفقة السياسية " ويسجل حضوره في عملة الحضيرة بالغياب ...وفي الادارة تجد الموظف الناشط الذي تقوم الادارة على جهده ووقته وتجد الموظف الموازي (وهم كثر ) وهو الذي يتقاضى مرتبا بلا انتاج
وفي الاعلام ثمة اعلام الثورة والاعلام الموازي الذي نشعر انه يسب الثورة ويلعنها ليلا نهارا ويحن للعهد القديم ..تلميحا وجهارا
أما في السياسة فالأمر أكثر وضوحا فثمة مجلس تأسيسي منتخب انفقت تونس لأجله ثورة ودماء وشهداء ..وثمة مجلس تأسيسي مواز لا ندري ماذا انفق عليه اصحابه ...ربما اموالا موازية ايضا
ونجد مؤسسات ووزارات رسمية واخرى موازية : وزارة حقوق الانسان والعدالة الانتقالية ومركز مواز للعدالة الانتقالية وتنسيقية للعدالة الانتقالية موازية لهم
ثمة حكومة شرعية انتجتها صناديق الاقتراع كما في كل الدول الديمقراطية يراسها السيد حمادي الجبالي وحكومة أخرى موازية يرأسها اصحاب المبادرات التجمعية وبعض روؤس الأموال الفاسدة
وربما رئيس دولة ورئيس دولة مواز له
ولكن ثمة فروق بين المؤسسات الرسمية وتلك المواز
فالأولي اهلها منا ونحن منهم نعرف طينتهم جيدا ويعرفوننا ...فهم ابناء الفقراء والمضطهدين وخريجي مدارس النضال ..أما ناس الثانية فليسوا منا ولسنا منهم فهم من طينة اخرى ومدن اخرى واحياء اخرى ارقي من فهمنا وادراكنا ..احياء لا تعرفنا ولا نعرفها ...كانوا يتربعون على خيرات بلدنا والسياسة عندهم هواية بلا تعب وابواب كبرى للرزق بلا سبب
المؤسسات الشرعية نعرف كيف اتت ومن اين ونرى على المباشر اعمالها ونعرف مرتبات اصحابها وطرق تمويلها ...اما الموازية ...فلا نعرف كم يتقاضى ممتهنوها ..هل بطريق الوفقة ام بالراتب الشهري ام السنوى ..ام بقدر اهل العزم تأتي العزائم .....كما لا نعرف من يمولها وما هي اسباب وجودها ...ربما هي لعنة الديمقراطية ...او لعنة صناديق الاقتراع ..او لعنة السوق السياسية الموازية
السؤال المحير لدي : من اين سيأتي هؤلاء بشعب مواز ...ثمة شعب واحد في تونس ...انهم ابناء الأحياء الفقيرة ..ابناء القرى والارياف ...العمال والفلاحون ..انهم هم انفسهم الذين ثاروا ضد الظلم وهم انفسهم الذين شدوا رحالهم لصناديق الاقتراع يوم 23 اكتوبر 2011 وهم انفسهم الذين سيحسمون كل معادلة سياسية قادمة ...فمن اين نأتي لكم يا تجار السياسة الموازية بشعب بديل ....الا ان كان افتراضيا
وعندها حق لي ان اقول :أني أكاد اشك في نفسي لأني
أكاد اشك أني
مواز لنفسي ولا ادري
الأستاذ عمر الرواني

ليست هناك تعليقات: