الأحد، 17 يونيو 2012

بوليس مكتف و عسكر كردونة...



في العلاقة بين المؤسسة الامنية و العسكرية ...

بوليس مكتف و عسكر كردونة...


بوليس مكتف ...هذا العنوان المستفز الذي تتناقله اليوم نخب من الساسة المغامرين وجمهور من العامة التابعين ينطبق على البوليس ولا يعني العسكر في شيء ।
فالبوليس مكتف بالسياسة منذ النشأة في دور اعطاه له بورقيبة بعد محاولة الانقلاب سنة 1962 بقيادة الضابط لزهر الشرايطي الذي حكم على العديد من اركانه بالقتل او بالسجن . وقد عمد بورقيبة بعدها إلى تقييد قدرات هذا العسكر واعطى البوليس صلاحية مراقبته في العام 1968، خالقاً بذلك العداوة بين هذين الجهازين .
لتكون فترة حكم بن علي استمرارا لتهميش دور عسكر الكردونة وهيمنه البوليس المكتف باغلال سيده وهوس السياسة ففي مطلع العشرية الأولى لحكم بن علي الذي جاء من مؤسسة العسكر جلب معه ضباطا انتاقهم خصيصا للالتحاق بالبوليس أمثال السرياطي وثلة كانت قد التحفت بهذه المؤسسة من قبل امثال الجنرال بن عمار والهادي بالشيح وبنور وآخرين على المقاس تولوا قيادة مؤسسة البوليس لاحكام السيطرة على البلاد والعباد .
لقد ابتلي عسكر الكردونة في ظل النظام الدكتاتوري السّابق بقيادة عسكرية مأجورة أطاعت هواها و باعت دينها بدنياها،و تخلّت عن مسؤولياتها ،وانبرت تجفّف المنابع و تستأصل النّفس العقائدي الدّيني لدى أفراد المؤسسة العسكرية،إلى درجة إغلاقها المساجد و بيوت الصّلاة في الثّكنات و في المدارس العسكريّة ، وهي مغلقة إلى اليوم وهو تَعَدٍّ صارخ على حقوق الإنسان و حريّة ممارسة الشعائر الدينيّة،وأطلقت العنان لأعوانها في الإدارة العامة للأمن العسكري لتسجيل قوائم للمصلّين،و تسجيل كل من ترتدي زوجته الحجاب واستدعائه للبحث والمساومة والطرد،و تسجيل كل من لا يشرب الخمور،و كل من يؤذن للصّلاة و كل من يصلّي الفجر حاضر و منع أداء صلاة الجمعة لمن يطلب إجازة وقتية لأدائها في وقتها .
وفي بداية التسعينات تطوّرت الأمور لتأخذ أبعادا تراجيدية خطيرة ، لمّا وُلّي عبد الله القلال على وزارة البوليس وعلي السّرياطي الإدارة العامة للأمن الوطني مباشرة بعد انتقالهما من وزارة الدّفاع، و بعد رفض المرحوم الجنرال عبد الحميد الشّيخ وزير الداخلية آنذاك تنفيذ المؤامرة القذرة مؤامرة «براكة الساحل» السيّئة الذّكر، حيث شكّلت ظاهرة استغلال النّفوذ ، و الانتهازية سمة بارزة داخل المؤسّسة العسكرية ، و خاصّة منذ أن طالت هذه التجاوزات النخبه الشّريفة و النّظيفة ذات الكفاءات العالية العالية الملتزمة بدينها أو حتى غير الملتزمة، لتبدأ حملات الإيقافات الكبرى الممنهجة سنتي 91 و 92 في صفوف شرفاء الجيش الوطني ، قصد إفراغه و تهميشه و تقزيمه ، شملت خيرة أبنائه ،تمّ إيقافهم بالسّجن العسكري بالعوينة ، ثم تمّ نقلهم فيما بعد مكبّلين بالأغلال، من طرف زملائهم في السّلاح و وقع التّنكيل بهم في أقبية و زنزانات وزارة البوليس،أين تعرّضوا إلى حملات تعذيب تفوق في فظاعتها ما حدث في سجون أبو غريب في العراق ، و في معتقل «دلتا» في قوانتنامو، بدعوى الانتماء إلى حركة النهضة والتخطيط للاستيلاء على الحكم هذا ما ورد على لسان احد الضباط الشرفاء كان ينتمي لمؤسسة العسكر الكردونة لقد كان الظّلم و الفساد و التآمر و المحسوبية واستعداء الدّين و استغلال النّفوذ و المواقع ، وأصبح في قاموس الجنود و عامّة الناّس عند حديثهم في الخفاء عن كبار المسؤولين في الدّولة عسكريين كانوا أم مدنيين فطالتهم ماكينة الاستهجان اللغوي فنعتوا بعسكر الكردونة كما نعت الاسلاميين بالخوانجية مصطلح يحمل في طياته الاستهزاء بالدين وغول يخوف به كل من حاول التطاول على البوليس صنعه ببراعة عالم الاجتماع المأجور عبد الباقي الهرماسي .
فالبوليس المكتف عليه ان يتذكر دائما ان في تاريخ 17 ديسمبر 14 جانفي كان مطاردا من الشعب منبوذا وعدوا اما عسكر الكردونة وعلى ما اقترفه في حق نخبته كان محل ترحاب من الشعب يستقبل بالزغاريد والورود في كل قرية او مدينة حل بها يتقاسم معهم رغيفهم ويحتمي بهم ويحميهم .
ان الذين يتحاملون على العسكراليوم لن يمسوا هذه المؤسسة طالما بقيت على عهدها بحماية المسار الثوري وتدعيم التحول الديمقراطي ومؤسساته . وهذا العسكر الكردونة سيحمي البوليس الرهينة في يد المغامرين الواهمين باعادة البلاد لقبضة البوليس الذي لم يتعض بدرس ليلة 14 جانفي عندما كان مطاردا ذليلا اما عسكر الكردونة فلينظر غير بعيد عنا وفي محيطنا العربي كيف اصبح العسكر الذي حشر انفه في السياسة والى ما انتهى اليه او يكاد ।
اما انا فاني سأردد كلمة الشيخ الحنا في هرمت من أجل هذه اللحظة التارخية حتى أرى البوليس مكتف والعسكر كردونة
محمد المولهي نقابي و ناشط سياسي



ليست هناك تعليقات: